3- فاستبقوا الخيرات
الدرس الثالث من دروس رمضان
التنافس في الخيرات
الحمد لله رب العالمين
واشهد أن لا إلاه إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن سيدنا محمد r إمام النبيين
وبعد
العناصر
أولاً: الأمر بالتنافس والحض عليه
ثانياً: حرص النبي وصحابته على التنافس في الطاعة
ثالثاً: تحذير النبي من الانغماس في الدنيا وترك الطاعات
الموضوع
أولا: الأمر بالتنافس والحض عليه
1-الأمر بالتسابق:
قال تعالى: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) "البقرة، ويقول تعالى "وَسَارِعُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ"
"آل عمران.
2-اغتنم الفرص:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -r- قَالَ «يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِى الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا
بِغَيْرِ حِسَابٍ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ
يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ». ثُمَّ قَامَ آخَرُ
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قَالَ «سَبَقَكَ
بِهَا عُكَّاشَةُ» ([1])
وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r-أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ «مَنْ يَأْخُذُ مِنِّى هَذَا».
فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ أَنَا أَنَا. قَالَ «فَمَنْ
يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ». قَالَ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ
أَبُو دُجَانَةَ أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ. قَالَ فَأَخَذَهُ فَفَلَقَ بِهِ هَامَ
الْمُشْرِكِينَ"([2])
3-سرعة
إخراج الصدقات على الأقل عن النفس:
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ -r- قَالَ «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ». قِيلَ أَرَأَيْتَ إِنْ
لَمْ يَجِدْ قَالَ «يَعْتَمِلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ».
قَالَ قِيلَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَالَ «يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ»،
قَالَ قِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَالَ «يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ
أَوِ الْخَيْرِ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ «يُمْسِكُ عَنِ
الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ» ([3]).
4-أحب الأعمال إلي الله نفع الناس:
عن ابن عمر أن رجلا جاء إلى النبي
r فقال: يا رسول الله أي
الناس أحب إلى الله وأي الأعمال أحب إلى الله فقال رسول الله r ( أحب الناس إلى الله عز
وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو
تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن
أعتكف في هذا المسجد شهراً( في مسجد المدينة) ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم
غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رخاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في
حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام) "([4])
وعن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله r قال (إن الرجل ليسألني الشيء، فأمنعه حتى تشفعوا فيه فتؤجروا)،
وإن رسول الله r قال: (اشفعوا تؤجروا) ([5])
5-تبسمك في وجه أخيك صدقة
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله r (كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ
من دلوك في إناء أخيك)([6])
عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا أَبُو جُرَىٍّ الْهُجَيْمِيُّ
قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ
الْبَادِيَةِ فَعَلِّمْنَا شَيْئًا يَنْفَعُنَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ
قَالَ لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ
دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ
إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ وَإِيَّاكَ وَتَسْبِيلَ الْإِزَارِ فَإِنَّهُ مِنْ
الْخُيَلَاءِ وَالْخُيَلَاءُ لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ امْرُؤٌ
سَبَّكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلَا تَسُبَّهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّ
أَجْرَهُ لَكَ وَوَبَالَهُ عَلَى مَنْ قَالَهُ([7])
6-أهلُ القرآن
في الجنة درجات بمِقدار ما يقرؤون يُرتِّلون:
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله r: " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في
الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها " ([8])
7-غرف الجنة:
عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –t-عَنْ النَّبِيِّ - r - قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ
الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ
الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ
أَوْ الْمَغْرِبِ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ" قَالُوا: يَا رَسُولَ الله،
تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: "بَلَى،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِالله وَصَدَّقُوا
الْمُرْسَلِينَ"([9])
ثانيًا: حرص النبي r
وصحابته على التنافس في الطاعة
1-النبي r مثالاً أعلى في المسارعة إلى الخير:
فعن أبي سروعة عقبة بن الحارث t قال: "صليت وراء
النبي - r - بالمدينة صلاة العصر، فسلّم ثم قام مسرعًا، فتخطى رقاب الناس
إلى بعض حُجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج إليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من
سرعته، قال: ذكرت شيئًا من تبرٍ (الذهب المكسور) عندنا فكرهت أن يحبسني، فأمرت
بقسمته([10])
2-سيدنا أبو بكر t:
أ -الرجلُ الذي ما وَجَد
طريقاً علِم أنَّ فيها خيرًا وأجرًا إلاَّ سلَكها ومشَى فيها، فحينما وجَّهَ
النبيُّ r -إلى أصحابِه بعضَ
الأسئلةِ عن أفعالِ الخيرِ اليوميَّة، كان أبو بكرٍ الصديق هو المجيب، قال - r -: " مَن أصبحَ مِنكُم اليومَ صائمًا؟ "، قال أبو
بَكرٍ: أنا، قال: " فمَن تَبِع مِنكم اليومَ جنازةً؟"، قال أبو بكرٍ:
أنا، قال: " فمَن أَطْعَم منكم اليومَ مِسكينًا؟ "، قال أبو بكر: أنا،
قال: " فمَن عادَ مِنكم اليومَ مريضًا؟"، قال أبو بكر: أَنا، فقال رسولُ
الله - r-: " ما اجْتمَعْنَ في امرئٍ إلاَّ دخَل الجَنَّةَ ."([11])
3-سيدنا بلال يسبق إلى الجنة بوضوئه وصلاته:
فعن أبي هريرة t أن النبي r قال لبلال عند صلاة الفجر: " يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته
في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ؟!" قال: ما عملت عملا أرجى
عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن
أصلي."([12])
قال ابن القيم: تقدم بلال بين يدي رسول الله في الجنة فلأن بلالاً كان
يدعو بالأذان فيتقدم أذانه بين يدي رسول الله، فتقدم دخوله كالحاجب والخادم
4-التابعين:
كان يفعل أبو مسلم الخولاني عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه
ضربها بيديه قائلاً: "أيحسب أصحاب محمد
أن يسبقونا برسول الله؟!
والله لنزاحمنهم عليه في الحوض"، فهو يريد المنافسة ويريد أن يزاحم صحابة
رسول الله -r-في الدار الآخرة، وهنيئًا له بهذه المنافسة الشريفة.
ثالثاً: تحذير النبي r
من الانغماس في الدنيا وترك الطاعات
قال تعالي "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم
يراءون ويمنعون الماعون "الماعون.
وقال تعالي "ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم
المسكين ""المدثر: 41-44"
وقال تعالي "ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم ههنا حميم
ولا طعام إلا من غسلين" الحاقة
وقال تعالي: " حتي اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون
....." المؤمنون
وقال تعالي " ذلك (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ
حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ
الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا
يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) "فاطر: 5-6".
حذر منه النبي r صحابته الكرام حين قدم أبو عبيدة بأموال كثيرة من اليمن فقال لهم r: " فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ؛
وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا
بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا
وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ "([13])
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ عن رسول الله r أنه قال:" إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ
أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: نَقُولُ كَمَا
أَمَرَنَا اللَّهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ
تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ."([14])
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِr : إِنَّ
مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ
النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ، مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ
اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ
مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ"([15])
وعن أبي هريرة عن النبي r قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم) فذكر منهم
(ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك) ([16])
وروى مالك أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض فأراد أن يمر
به في أرض محمد بن مسلمة فأبى محمد فقال له الضحاك: لم تمنعني وهو لك منفعة، تشرب
به أولاً وآخراً ولا يضرك، فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب، فدعا عمر بن
الخطاب محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله فقال محمد: لا فقال عمر: (لم تمنع أخاك
ما ينفعه وهو لك نافع، تسقي به أولاً وآخراً، وهو لا يضرك) فقال محمد: لا والله.
فقال عمر: (والله ليمرن به ولو على بطنك) فأمره عمر أن يمر به ففعل الضحاك ([17]).
أيها المسلمون:
طرق الخير والنفع كثيرة متاحة للجميع، ولكن أين السالكون؟ وأين
السائرون؟ أبواب البر متعددة، ولكن أين المسارعون إليها؟ وأين الطارقون لها؟ وليست
الأعمال الصالحة هي: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، فقط، وإنما هي كثيرة
متعددة:
• زيارة المريض عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• إحسانك إلى جارك عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• قراءتك القرآن الكريم عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• إعطاؤك الفقراء والمساكين عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• إغاثتك الملهوف عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• إنصافك المظلوم عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• تربيتك لأبنائك وبناتك على منهج الله عمل صالح، فسارع إليه وبادر
قبل أن يفوتك.
• إعمار المساجد عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• طلب العلم عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• إنجازك لعملك إن كنت موظفا عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن
يفوتك.
• فصلك في الشكاوى المقدمة إليك إن كنت مديرا في مؤسسة أو رئيسا في
مصلحة عمل صالح، فسارع إليه وبادر قبل أن يفوتك.
• قيامك بالواجب عليك في كل جانب من جوانب الحياة عمل صالح، فسارع
إليه وبادر قبل أن يفوتك
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين
****
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854
لتحميل
الخطبة #pdf برجاء
الدخول إلى الرابط التالي
ولتحميل
الخطبة #word برجاء الدخول إلى الرابط التالي
أو
لـــ word 2003