عاقبة المفسدين من قوم لوط للشيخ أحمد أبو عيد

 


pdf


word


الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إلاه الله ولي الصالحين وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله إمام النبيين

وبعد

العناصر

أولًا: التعريف بقوم لوط عليه السلام                    ثانيًا: نبي الله لوط عليه السلام ودعوته لقومه

ثالثًا: حال قومه مع دعوته لهم                            رابعًا: نزول العذاب عليهم

خامسًا: عقوبة مَن عمل اللواط أو السحاق، أو أتى امرأة في دبرها

سادسًا: الدروس المستفادة من القصة

الموضوع

أولًا: التعريف بقوم لوط عليه السلام

كان قوم لوط عيه السلام يسكنون في قرية تسمى سدوم (عند البحر الميت).

وكان أهل القرية يمارسون الشذوذ الجنسي، حيث يأتي الرجال الرجال، ويتركون ما خلق الله لهم من الزوجات، فأصيبوا بانحراف في فطرتهم، وكفروا بالله وما أحل الله لهم، وراحوا يفعلون هذا الفعل القبيح، ويجهرون به علناً دون حياء، وكانوا أول من فعلوا هذا الشذوذ، وما سبقهم بها من أحد من العالمين.

وكان القوم يجلسون في طرقات المارة والمسافرين، ويقطعون عليهم الطريق، ويجبرونهم على ممارسة الشذوذ.

وكان لهم نادي مخصص لهذا الشذوذ، يجتمعون في هذا النادي ويفعلون المنكر، وكانوا يفضلون الشباب أصحاب الهيئة الحسنة والوجه الجميل.

ولا يتورعون عن فعل ذلك مع الغرباء والوافدين للقرية، وقد فشا في القوم هذا المنكر، وليس من بينهم من ينهاهم عن هذا الشذوذ، فكانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون.

وقد حكى بعض المفسرين أن من أسباب هلاك نساء قوم لوط أنهن كن يفعلن هذه الفعلة الشنيعة، لأنه لما استغنى رجالهم بالرجال عن النساء، ولم تجد النساء من يقضي وطرهن من الرجال استغنى بعضهن ببعض عن الرجال.

جاء في تفسير الألوسي – رحمه الله –: وبدأ أيضاً السحاق في قوم لوط عليه السلام فكانت المرأة تأتي المرأة، فعن حذيفة رضي الله تعالى عنه إنما حق القول على قوم لوط عليه السلام حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال. وعن أبي حمزة رضي الله تعالى عنه: قلت لمحمد بن علي عذب الله تعالى نساء قوم لوط بعمل رجالهم فقال: الله تعالى أعدل من ذلك استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء.

ولبيان خطر اللواط صحيًّا واجتماعيًّا:

يتسبب اللواط في الإصابة بأمراض خطيرة: "مرض الإيدز - فساد أعضاء التناسل - التأثير على المخ - الرغبة عن النساء - التأثير على الأعصاب - مرض السويداء - الاضطراب النفسي - التيفود والدوسنتاريا - وغيرها،. ".

- أوسع أسباب انتشار مرض الإيدز مِن اللواط: "أول اكتشاف لمرض الإيدز كان في عام 1979م في مدينة نيويورك، وكان في رجل يمارس اللواط - نسبة المصابين بالإيدز بسبب الشذوذ الجنسي في العالم تزيد على 73%".

ثانيًا: نبي الله لوط عليه السلام ودعوته لقومه

لوط بن هاران عليه السلام، هو ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وقد آمن لوط عليه السلام مع إبراهيم عليه السلام وهاجر معه إلى الأرض المقدسة (فلسطين)، وقد أمر إبراهيم عليه السلام لوط عليه السلام أن ينزل بمدينة تسمى سدوم (عند البحر الميت)، حيث كان قومها من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية، وقد ابتدعوا فاحشة الشذوذ الجنسي، وذهب لوط عليه السلام وزوجته وابنتيه إلى هذه القرية ليدعوهم إلى الله ولينتهوا عن هذه الفواحش.

ولقد أثنى الله على نبيه لوط عليه السلام حيث قال تعالى: ] وَلوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) [ (سورة الأنبياء 74)

وقال تعالى: ]وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) [ (سورة الأنعام 86)

وقد تكررت قصة لوط عليه السلام مع قومه في القرآن الكريم في سور متعددة، منها: الأعراف، هود، الحِجر، الأنبياء، الشعراء، النمل، العنكبوت، الصافات، القمر. وجاءت هذه القصة تارة بصورة مفصلة، وتارة بصورة فيها شيء من الاختصار، وأتت في كل سورة بأسلوب له إيحاءاته، ومقاصده، وتأثيراته، ودلالته.

وكانت مهمة نبي الله لوط عليه السلام صعبة، فبعدما استقر وأهله في هذه القرية لتنفيذ مهمته، دعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.

قال تعالى: ] كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لوط عليه السلام أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) [ (سورة الشعراء)

ونهاهم عن الفاحشة والمنكرات: قال تعالى: ] وَلوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ[ (سورة الأعراف 80-81)

وقال تعالى: ] وَلوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) [ (سورة النمل)

قال تعالى: ] أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) [ (سورة الشعراء)

وقال تعالى: ]وَلوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) [ (سورة العنكبوت)

حاول لوط عليه السلام إقناعهم كما فعل الأنبياء والرسل، وحذرهم من عاقبة الكفر بالله والخروج عن شريعته، ومخالفة أوامره، لكنهم تمادوا في ضلالهم وطغيانهم.

قال تعالى: ] وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ[ (القمر:36).

راح لوط عليه السلام يحبب لهم اتباع الفطرة السوية، وإشباع الشهوة بالطريق الصحيح عن طريق النساء، فهي شهوة طاهرة، أما إتيان الذكور، فهو شذوذ نجس، يجلب المرض والعقوبة، فراح القوم يسخرون من لوط عليه السلام ودعوته، وقالوا: إنهم أناس يتطهرون!

لم ييأس لوط عليه السلام رغم سخرية القوم الغريبة والتي جعلوا فيها غاية المدح ذماً بأنهم أناس يتطهرون، واستمر جاهداً لإثناء القوم عن فحشهم.

وراح لوط عليه السلام يحذر المارة والمسافرين أن يدخلوا هذه القرية حفاظاً عليهم، وإذا دخلها غريب حاول إثناءه وتحذيره من مسلك رجال القرية.

ثالثًا: حال قومه مع دعوته لهم

لما رأي القوم عزيمة وإصرار لوط عليه السلام، سألوه –كما سألوا من قبله- ماذا تستفيد من هذه الدعوة، وما الأجر الذي تحصل عليه من دعوتك هذه؟

قال تعالى: ]وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) [ (سورة الشعراء)

فقال لوط عليه السلام: أنا نبي الله، جئت ناصحاً أميناً لكم، وخوفاً عليكم من أن ينزل عليكم عقاب الله، وما أبتغي من وراء ذلك أجراً من أحد، إن أجرى إلا على الله، فاتقوا الله وأطيعون.

لكن القوم كذبوه، وطلبوا منه أن يتوقف عن أقواله وأفعاله التي تغير نظام القرية، ولا يتدخل في شأنها، وبلغ فجر القوم أن هددوا لوط عليه السلام بأنه إن لم ينته عن كلامه هذا، سيطردوه من القرية.

قال تعالى: ]وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ[  [الأعراف 80 :84]

وقال تعالى: ] فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لوط عليه السلام مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) [ (سورة النمل)

وكانوا يقولون (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ(29) ) العنكبوت فيئس لوط عليه السلام منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين

واستضعف القوم لوط عليه السلام حيث لم يكن له أقارب في هذه القرية يساندونه أو يمنعوا عنه إيذاء القوم الذين تمادوا في فحشهم، وتجرأوا في شذوذهم، وقالوا له ساخرين: ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين.

وطلبوا من لوط عليه السلام إن جاءه ضيوفاً من الرجال أن يسلمهم لهم ليمارسوا معهم الشذوذ، لقد أصبحوا كمن ذهب عقلهم وكانوا في سكرتهم يعمهون.

دعاء لوط عليه السلام عليهم

شعر لوط عليه السلام بالكرب لأن قومه لم يستجيبوا لدعوته، وزادوا العداوة معه، وكانت زوجة لوط عليه السلام تميل إلى هوى القوم، وتدعو لوط عليه السلام أن يتركهم وشأنهم.

رفع لوط عليه السلام يديه إلى الله شاكياً كذب القوم له، ودعى الله أن ينصره على القوم المفسدين، وأن ينجيه وأهله من أفعال هؤلاء المجرمين.

قال تعالى: ]قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) [ (سورة العنكبوت)

قال تعالى: ] قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) [ (سورة الشعراء)

 استجاب الله لدعوة لوط عليه السلام، وأنزل ملائكة في هيئة بشر، وكانوا في هيئة شباب حسني الهيئة والجمال، وذهبت الملائكة أولاً إلى إبراهيم عليه السلام تخبره أن الله أنزل الهلاك على قوم لوط عليه السلام.

فقال إبراهيم عليه السلام: وكيف ينزل الهلاك على قوم وفيهم مؤمن، إن فيها لوط عليه السلام، قالت الملائكة: نحن أعلم بمن فيها، لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين.

رابعًا: نزول العذاب عليهم

قال تعالى: ]وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) [

 خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه السلام قاصدين قرية لوط عليه السلام، بلغوا أسوار القرية، وابنة لوط عليه السلام واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر، رفعت وجهها فشاهدتهم، فسألها أحد الملائكة: يا جارية، هل من منزل؟ قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم، أسرعت نحو أبيها فأخبرته.

فهرع لوط عليه السلام يجري نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى سألهم: من أين جاءوا؟ ، وما هي وجهتهم؟، فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم، استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد.

قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء، أنهم يخزون ضيوفهم، حدثهم أنهم يفسدون في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين، صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة، عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية. سقط الليل على المدينة، صحب لوط عليه السلام ضيوفه إلى بيته، لم يرهم من أهل المدينة أحد، لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره.

قال تعالى: ]وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) [

أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر، وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط عليه السلام له مسرعين، تساءل لوط عليه السلام بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟، وقف القوم على باب البيت، خرج إليهم لوط عليه السلام وبدأ بوعظهم: قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- هن أطهر، فهن يلبين الفطرة السوية، كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.

(فَاتَّقُواْ اللّه.) يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة، اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى، ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه. (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. وينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.

(أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ). أليس فيكم رجل عاقل؟، إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.

إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق، ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها. أحس لوط عليه السلام بضعفه وهو غريب بين القوم، نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، ولا أولاد ذكور يدافعون عنه، دخل لوط عليه السلام غاضبا وأغلق باب بيته، كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين، فدهش لوط عليه السلام من هدوئهم.

وازدادت ضربات القوم على الباب، وصرخ لوط عليه السلام في لحظة يأس خانق: ] قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ(80) [ تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه، وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه، غاب عن لوط عليه السلام في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد، ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه.

عندما بلغ الضيق ذروته، وقال النبي كلمته، تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة، أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد، فقالوا له لا تجزع يا لوط عليه السلام ولا تخف، نحن ملائكة، ولن يصل إليك هؤلاء القوم، ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم.

          قال تعالى: ] وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ[ (القمر:37).

التفتت الملائكة إلى لوط عليه السلام وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج، سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال، لا يلتفت منهم أحد، كي لا يصيبه ما يصيب القوم، أي عذاب هذا؟، هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه، وأخبروه أن امرأته كانت من الغابرين، امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.

قال تعالى: ]قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) [

قال تعالى: ]إلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)[ (سورة الحجر)

سأل لوط عليه السلام الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن، أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح. ]إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ(81) [ (سورة هود)

خرج لوط عليه السلام مع بناته وزوجته، ساروا في الليل وغذوا السير، واقترب الصبح، كان لوط عليه السلام قد ابتعد مع أهله،

قال تعالى: ]فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) [ (سورة هود)

قال تعالى: ]  فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77) [ (سورة الحجر)

قال تعالى: ] ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (174[ (سورة الشعراء)

جاء أمر الله تعالى، قال العلماء: اقتلع جبريل عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد، رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض، أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم، حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة عليهم، استمر الجحيم يمطرهم، وانتهى قوم لوط عليه السلام تماما، لم يعد هناك أحد، نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض، هلك قوم لوط عليه السلام ومحيت مدنهم.

كان لوط عليه السلام يسمع أصوات مروعة، وكان يحاذر أن يلتفت خلفه، نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت، تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح.

فصاروا أثرًا بعد عين "تحولت قريتهم إلى بحيرة ميتة نتنة إلى يومنا هذا": (وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ) (الذاريات:37)، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (الحجر:75)، (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) (آل عمران:182)، (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا) (الطلاق:8).

فعذبهم الله تعالى بثلاثة أنواع من العذاب وهم:

1 ـ الصيحة الهائلة.

2 ـ أنه جعل عاليها سافلها.

3 ـ أنه أمطر عليهم حجارة من سجيل.

 قال العلماء: إن مكان المدن السبع، بحيرة غريبة، ماؤها أجاج، وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة، وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة، توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط عليه السلام كانت شهبا مشتعلة. يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين، هي مدن قوم لوط عليه السلام السابقة. انطوت صفحة قوم لوط عليه السلام، انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض، سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء، وطويت صفحة من صفحات الفساد، وتوجه لوط عليه السلام إلى إبراهيم عليه السلام، زار إبراهيم عليه السلام وقص عليه نبأ قومه، وأدهشه أن إبراهيم عليه السلام كان يعلم، ومضى لوط عليه السلام في دعوته إلى الله، مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم عليه السلام في دعوته إلى الله، مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض.

خامسًا: عقوبة مَن عمل اللواط أو السحاق، أو أتى امرأة في دبرها

- حكم اللواط:

اختلف العلماء في صفة قتله بعد الاتفاق على أنه يُقتل: عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «من وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُول بِهِ» ([1])

-أجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على قتله.

- ذهب الشافعي وأحمد وطائفة مِن العلماء إلى أن مرتكب اللواط يُرجم بالحجارة حتى الموت؛ لأنه زنا وفجور.

- وذهب بعضهم إلى أنه يُقتل بإلقائه مِن شاهق، ثم يُتبع بالحجارة؛ كما هي عقوبة قوم لوط عليه السلام.

حكم السحاق:

السحاق هو إتيان المرأة المرأة، وهو محرم بلا شك، وقد عدَّه بعض العلماء من الكبائر ([2]) .

وقد اتفق الأئمة على أن السحاق لا حد فيه لأنه ليس بزنى، وإنما فيه التعزير فيعاقب الحاكم من فعلت ذلك العقوبة التي تردعها وأمثالها عن هذا الفعل المحرم.

واتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لا حَدَّ فِي السِّحَاقِ ; لأَنَّهُ لَيْسَ زِنًى. وَإِنَّمَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ ; لأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ ([3]).

كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لِكُلِّ بَنِي آدَمَ حَظٌّ مِنْ الزِّنَا، فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلانِ يَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ) ([4])

وعن أَبي سعيد - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلا المَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ، وَلا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلا تُفْضي المَرْأةُ إِلَى المَرْأَةِ في الثَّوْبِ الواحِدِ» ([5])

حكم إتيان امرأة في دبرها:

- ملعون في الدنيا، مطرود في الآخرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) ([6])

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي الدبر ([7]).

وقال أصحاب أبي حنيفة: "إنه عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم".

ولَا يَحِلُّ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنَ الْحَيَوَانِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ([8])

هل لمَن عمل هذه الفواحش توبة؟

- التوبة مقبولة مِن الكافر؛ فهي أولى في حق مرتكب اللواط: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) (الأنفال:38)،

وفي الحديث القدسي: (يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي؛ غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا؛ لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) ([9])

- ابتعد أيها التائب عن أماكن المعصية السابقة وأسبابها: قال العالم لقاتل المائة نفس: (انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا؛ فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ؛ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ) ([10])

فاللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وأحسن خاتمتنا في الأمور كلها.

سادسًا: الدروس المستفادة من القصة

تضمنت قصة لوط عليه السلام في القرآن الكريم -كغيرها من قصص القرآن- العديد من العبر والعظات، نذكر منها:

أن مهمة الداعية الأولى هي الدعوة إلى تقوى الله، والأخذ بالأساليب الحكيمة لإخراج الناس مما هم فيه من فساد وضلال، وأن يكون عمل الداعية ليس تحصيلاً لأجر أو كسباً لسمعة، بل الالتزام بأمر الله في الدعوة إلى دينه الحق، وإخراج الناس من حمأة الظلمات.

أن أصحاب الإيمان العميق، والخلق القويم، والغيورين على طهارة النفوس وأعراض الناس، يستميتون في الذب عن دينهم، وعن كل ما أمر الله تعالى بالدفاع عنه، وهذا ما رأيناه في قصة لوط عليه السلام، فلم يترك وسيلة من وسائل الترغيب أو الترهيب إلا طرقها، فهو تارة يأمرهم بتقوى الله: {فاتقوا الله} (هود:78)، وتارة ينكر عليهم فعلتهم الشنعاء: {إنكم لتأتون الفاحشة} (العنكبوت:28)، وتارة يرغبهم بسلوك جادة الصواب: {قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين} (الحجر:71). وتارة يلتجئ إلى الله بالدعاء: {قال رب انصرني على القوم المفسدين} (العنكبوت:30).

أن لوط عليه السلام على الرغم من قوة إيمانه، وعلو همته، وعظيم غيرته، تمنى أن تكون له قوة باطشة، تردع قومه عن منكرهم، وتردهم عن باطلهم. وأنه لا بأس على المسلم أن يستعين بغيره لنصرة الحق الذي يدعو إليه، ولخذلان الباطل الذي ينهى عنه، هذا ما نفهمه من قوله سبحانه: {قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} (هود:80).

اقتضت حكمة الله سبحانه أن تكون عقوبته العادلة للمجرمين متناسبة مع جرائمهم وقبائحهم، يؤكد ذلك، أن قوم لوط عليه السلام حين قلبوا الأوضاع، وتركوا ما أحله الله لهم، وانغمسوا فيما حرمه سبحانه، كانت العقوبة متسقة مع قبائحهم، حيث عاقبهم بأن جعل ما هو الأعلى من قريتهم هو الأسفل.

وصف القرآن الكريم قوم لوط عليه السلام لفعلهم الشنيع بأوصاف ثلاثة:

قوله تعالى: {بل أنتم قوم مسرفون} (الأعراف:81).

وقوله سبحانه: {بل أنتم قوم عادون} (الشعراء:166).

وقوله عز وجل: {بل أنتم قوم تجهلون} (النمل:55).

ومجموع هذه الأوصاف يدل على أنهم كانوا مصابين بفساد العقل، وانحراف الفِطَر، وتجاوز الحدود التي ترتضيها النفوس. وهذا يفيد أن النفوس البشرية عندما تنتكس وترتكس، تصل في مجاهرتها بإتيان الفواحش إلى ما لم تصل إليه بعض الحيوانات.

وجوب الابتعاد عن أماكن المعاصي، وبيان عاقبة الإصرار على ارتكابها.

أن إكرام الضيف والدفاع عنه من شيم الكرام والصالحين.

الإصرار على تقديم النصح وإنكار المنكر والتسلح بالإيمان واليقين في نصرة الله تعالى لأصحاب الحق والرسالات.

أن الكرم من الصفات الحميدة التي يتوجب على المسلم أن يتحلى بها.

وجوب الإيمان بوجود الملائكة وأنهم خلق الله تعالى يستخدمهم كيفما شاء.

وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد



[1])) رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني

[2])) الزواجر عن اقتراف الكبائر" كبيرة رقم (362)

[3])) الموسوعة الفقهية (24/252)

[4])) متفق عليه

[5])) صحيح مسلم

[6])) رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني

[7])) رواه الترمذي، وصححه الألباني

[8])) شرح النووي لمسلم

[9])) رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني

[10])) صحيح مسلم


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات