مسؤولية الأُسرة في الإسلام للشيخ احمد أبو عيد




 الحمدُ لله بارئ النَّسم وخالق الخلق من عدم، نجي نوحاً في السفينةِ من الغرقِ الذي عم، وسلَّم موسي من طغيان فرعونَ ونجاه من اليم، لا يخيبُ من قصد بابه وأمّ، ولا يندمُ من رجا ثوابه ولا يهتم، إلهٌ لهُ الفضل إذا أنعم تم.


 وأشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له شهادة من آمن به وأسلم وانقاد واستسلم. 
 وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الهادي خيرُ من حضر النوادي وأبرُّ من ركب الخوادي وفاق الليوث العوادي، قرن الله ذكره بذكره علي لسان كل ذاكر، وشَرُفت برسالته المنائر والمنابر، بُعث ومعلمُ طريق الإيمان قد عفي ونورهُ خبي فأنار ما خبي، وشيَّد منه ما عفي وشفي بكلمة التوحيد من كان علي شفي، 
يا ربِّ صلي علي النبي المصطفي
يا ربِّ صلي علي النبي وآله
صلوا على من تدخلون بهديه
صلوا على من ظللته غمامة
يا أيها الراجون خير شفاعةٍ
**
**
**
**
**

ما غردت في الأيك ساجعةُ الرُّبا
ما أمت الزوارُ مسجدَ يثربَ
دار السلامة تبلغون المطلبَ
والجذعُ حنَّ له وناصر في الصبا
من أحمدٍ صلوا عليه وسلموا
اللهم صلي وسلم علي محمدٍ وعلى آله الأطهار الأبرار وصحبه المصطفين الأخيار ومن نهلَ من معينه الثَّر المدرار، ما ناح الشادي وحدي الحادي..
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اللهم آمين

العناصر
أولًا: أهمية المسؤولية
ثانيًا: المسؤولية تجاه الوالدين
ثالثًا: المسؤولية تجاه الزوجة
رابعًا: مسؤولية الزوجة تجاه الزوج
خامسًا: المسؤولية تجاه الأبناء
سادسًا: عقوبة التفريط في المسئولية

الموضوع
تعريف المسؤولية: هي الاستعداد الفطري الذي جبل الله تعالى عليه الإنسان ليصلح للقيام برعاية ما كلفه به من أمور تتعلق بدينه ودنياه، فإن وفَّى ما عليه من الرعاية حصل له الثواب، وإن فرط فيها حصل له العقاب".
أولًا: أهمية المسؤولية
**************
1- المسئولية أمانة
قال تعالي (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الأحزاب
2- الله خير حافظا
قال تعالى: " (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) يوسف
3- وجوب رد الأمانة الى أهلها
قال تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا).النساء
4- السؤال عنها بين يدي الله تعالي يوم القيامة
قال تعالي(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ {24}‏ الصافات.
وقال تعالي(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ {92} عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {93} الحجر.
5- مراعاة المسؤولية من صفات المؤمنين
قال تعالى: " (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) المؤمنون.
6- ليس بمقدور كل انسان تحمل المسؤولية
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِى ثُمَّ قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ فِيهَا »([1]).
7- كلكم راع ومسؤول أمام الله تعالى
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( كلكم رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ : وَالأمِيرُ رَاعٍ ، والرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أهْلِ بَيتِهِ ، وَالمَرْأةُ رَاعِيةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجها
وَوَلَدهِ ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) ([2])
والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه ، وما هو تحت نظره ، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه ، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته . ([3])
فنحن مسؤولون أمام الله عن بيوتنا، وزوجاتنا، وأولادنا، وفتياتنا، فعلينا أن نعنى بهم، والأب عندما يعتني بأولاده وهم صغار، ينشؤون على طاعة الله، فإذا أهملهم صغاراً، لا يستطيع أن يقودهم كباراً، الأمر يخرج من يده وانتهى، والحسرة التي تملأ قلب الأب الذي أهمل ولده صغيراً فانحرف، ولا يقوى على تربيته كبيراً، هذه الحسرة لا يعرفها إلا من ذاقها .
الرجل مسؤول في بيته عن أهله في القوامة والنفقة والرعاية، وسيُسأل عنهم: هل أدَّى حقَّهم وقام بواجبهم أو لا؟
والمرأة مسؤولة في بيت زوجها في الحفاظ على أمانة الزوج وأسراره، ورعاية البنين وتربيتهم التربية الصالحة.
والمعلِّم مسؤول في مدرسته عن طلابه مِن خلال التوجيه الحسن، وبذل النُّصح والتعليم.
والموظف مسؤول في دائرته عن رعاية حقوق المراجعين، وعدم التفريط في وقته.
والإمام مسؤول تجاه رعيته ومَن يَحكُمُهم؛ بأن يقيمَ بينهم العدل، ويحكم بينهم بالسوية.
8- اهتمام الإسلام بمسؤولية الأسرة
ولقد اهتم القرآن الكريم بالأسرة اهتماما بالغا؛ وذلك لأنها أساس بناء المجتمع، لأن من مجموعها يتكون المجتمع فهي بالنسبة له كالخلية لبدن الإنسان، ويترتب على ذلك أن الأسرة إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع ولهذا اعتنى النظام الاجتماعي الإسلامي بالأسرة عناية كبيرة تظهر في الأحكام الكثيرة بشأنها، وأكثر هذه الأحكام وردت بها آيات في القرآن الكريم يتعبد المسلمون بتلاوتها في صلاتهم وفي خارج صلاتهم، فضلا عن الأحاديث النبوية الكريمة الواردة في هذا المجال وأول العلاقات تتكون بين أفراد الأسرة الواحدة داخل البيت، ثم تتطور تلك العلاقات إلى التعامل مع الاقارب والجيران، ثم مع المجتمع كله وذلك خارج البيت.
فالمسؤولية داخل البيت تتكون من:
1. المسؤولية تجاه الوالدين.                   2. المسؤولية تجاه الزوجة.
3. مسؤولية الزوجة تجاه الزوج.             4. المسؤولية تجاه الأبناء.

ثانيًا: المسؤولية تجاه الوالدين
*******************
فأما عن المسؤولية تجاه الوالدين فلقد حرَّض القرآن على بر الوالدين والإحسان إليهما والطاعة لهما فقال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾[الإسراء 55].
يقول أبو حيان: «ومناسبة اقتران بر الوالدين بإفراد الله بالعبادة من حيث أنه تعالى هو الموجد حقيقة، والوالدان واسطة في إنشائه وهو تعالى المنعم بإيجاده ورزقه فهما ساعيان في مصالحه» فهما أولى الناس بالبر والإحسان ([4]).
والنصوص في بر الوالدين ولا سيما الأم كثيرة وكلها تدعو إلى الإحسان إليهما وإكرامهما والقيام بحقوقهما ورعاية شيخوختهما. إذاً فالمسؤولية تجاه الوالدين عظيمة، وحقهما كبير، ولقد حكم على العاق المسيء إلى والديه بأنه مرتكب الكبيرة من أكبر الكبائر، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ - ثَلاَثًا - الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ" ([5]).
فالتبعة تجاه الوالدين كبيرة وعظيمة، فالله الله في بر الوالدين وطاعتهما، فهما باب الجنة، وهما السبيل إلى دخولها فيا حسرتا على من أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة ببرهما والإحسان إليهما.
ويكون البر بهما في حياتهما وبعد موتهما
أ-في حياتهما
1-طاعتهما فيما يأمران به:
طاعة الوالدين واجبة على الولد؛ إذا أمراه أن يسمع لقولهما، ما لم يأمراه بمعصية الله تعالى.
قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]. بل إن العلماء أفتوا: أن الوالد إذا منع ابنه من صوم التطوع، فله أن يطيع والده، سئل الإمام أحمد رحمه الله: عن رجل يصوم التطوع، فسأله أبواه أو أحدهما؛ أن يفطر، قال: (يروى عن الحسن أنه قال: يفطر وله أجر البر، وأجر الصوم إذا أفطر).
2-خفض الصوت عندهما ومخاطبتهما بلين وعدم زجرهما:
إن مما يؤسف له أن الكثيرين؛ إذا خاطب أحدهم أحد والديه؛ تجده يرفع صوته، ولا يراعي الأدب معهما! وهذا لا شك من العقوق؛ الذي حذر منه الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
فلا يقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرّم، وأفّ للأبوين أردأ شيء لأنّه رفضهما رفض كفر النّعمة، وجحد التّربية وردّ الوصيّة الإلهيّة.
3-توقيرهما والتذلل لهما:
وهذا من لوازم البر؛ فإن كثيرًا من الأبناء؛ تجده يتعالون على الوالدين؛ فإذا أمره أحدهما بشيء، فكأنما في ذلك إهانة له! وخاصة إذا كان الولد كبير المنصب.
ولكن هذا الجاهل، غاب عنه؛ أن بر الوالدين ليس فيه إهانة ولا مذلة؛ بل إن المذلة في عدم طاعتهما! قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24].
قال عروة رحمه الله: هو ألا يمنعهما من شيء أراداه.
وقال طاووس رحمه الله: (إن من السنة أن نوقر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد).
وأبصر أبو هريرة t رجلين، فقال لأحدهما: ما هذا منك؟ فقال: أبي. فقال: لا تسمه باسمه، ولا تمش أمامه، ولا تجلس قبله ([6]).
4-استئذانهما إذا نوى السفر الطويل؛ لطلب علم أو غيره:
فإن رضا الوالدين من الأمور الضرورية في مثل هذه الحالة. ولك أن تعتبر أن إذن الوالدين واجب؛ حتى في حق الذي يريد الخروج إلى الجهاد.
وعن طلحة بن معاوية السلمي t قال: أتيت النبي r فقلت: يا رسول الله إني أريد الجهاد في سبيل الله، قال: «أمك حية؟» قلت: نعم، قال النبى r: «الزم رجلها فثم الجنة!» ([7])

5-الإنفاق عليهما وسد حاجتهما:
وهذا من لوازم البر الأكيدة؛ أن يطعم الابن والديه ويكسوهما، ويقوم على حاجتهما.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي مالاً وولدًا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: «أنت ومالك لأبيك!» ([8])
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رجلا أتى النبي r فقال: إن لي مالا وإن والدي يحتاج إلى مالي قال: " أنت ومالك لوالدك إن أولادكم من أطيب كسبكم كلوا من كسب أولادكم ([9])
6-الدعاء لهما:
إن من البر؛ أن يدعو الابن لوالديه بالرحمة؛ حتى وإن كانا أحياء وقد حثنا النبي r على الدعاء لكل من صنع إلينا معروفًا، فكيف بالوالدين؟! ومعروفهما فوق كل معروف.
وفي الدعاء لهما: أداء لبعض حقوقهما عليك، وليس ذلك بالصعب.
قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} الإسراء.
وقال تعالى: " رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ " إبراهيم.
قال بعض التابعين: (من دعا لأبويه في كل يوم خمس مرات، فقد أدى حقهما، لأن الله تعالى قال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} فشكر الله تعالى أن يصلي في كل يوم خمس مرات، وكذلك شكر الوالدين؛ أن يدعو لهما في كل يوم خمس مرات).
وقال بعض الصحابة رضى الله عنهم: (ترك الدعاء للوالدين؛ يضيق العيش على الولد).
ب-بعد موتهما
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ » ([10]).
وعن أبي أسيد السّاعديّ -t-، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله -r -إذ جَاءهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، هَلْ بَقِيَ مِنْ برِّ أَبَوَيَّ شَيء أبرُّهُما بِهِ بَعْدَ مَوتِهمَا؟ فَقَالَ: ((نَعَمْ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا، والاسْتغْفَارُ لَهُمَا، وَإنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِما، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتي لا تُوصَلُ إلاَّ بِهِمَا، وَإكرامُ
صَدِيقهمَا)) ([11])
1-الاستغفار لهما
عن أبى هريرة قال: " ترفع للميت بعد موته درجته. فيقول: أي رب! أي شيء هذه؟ فيقال: "ولدك استغفر لك"([12]).
2-الدعاء لهما
وعن محمد بن سيرين قال: كنا عند أبى هريرة ليلة، فقال: "اللهم اغفر لأبى هريرة، ولأمي، ولمن استغفر  لهما" قال لي محمد: فنحن نستغفر لهما؛ حتى ندخل في دعوة أبى هريرة" ([13]).
3-الصدقة عنهما
عن ابن عباسt  أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن أمي توفيت ولم توص، فينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: "نعم" ([14]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن سعد بن عبادة t توفيت أمه وهو غائب عنها فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال (نعم). قال فإني أشهدك أن حائطي المخراق صدقة عليها" ([15])
ومعنى (حائطي) هو البستان من النخل إذا كان له جدار. و(المخراف) اسم لحائطه والمخراف الشجرة وقيل ثمرها.
4-إكرام صديقهما
وعن أبي بردة قال: قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر فقال: أتدري لم أتيتك؟ قال: قلت: لا قال: سمعت رسول الله r يقول: (من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده) وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء وود فأحببت أن أصل ذاك" ([16])
وعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبيِّ -r -مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَة رضي الله عنها، وَمَا رَأيْتُهَا قَطُّ، وَلَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثُمَّ يقَطِّعُهَا أعْضَاء، ثُمَّ يَبْعثُهَا في صَدَائِقِ خَديجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأنْ لَمْ يَكُنْ في الدُّنْيَا إلاَّ خَديجَةَ ‍! فَيَقُولُ: ((إنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لي مِنْهَا وَلَدٌ)) ([17]).
 5-الصوم والحج عنهما وقضاء نذرهما:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ -t-قَالَ بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّى تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّى بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ -قَالَ -فَقَالَ «وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ «صُومِى عَنْهَا»، قَالَتْ إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ «حُجِّى عَنْهَا» ([18]).
وعَنْ عَائِشَةَ -رضى الله عنها -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» ([19]).
عليك ببرّ الوالدين كليهما

***
وبرّ ذوي القربى وبرّ الأباعد
ولا تصحبن إلّا تقيّا مهذّبا

***
عفيفا ذكيّا منجزا للمواعد


ثالثًا: المسؤولية تجاه الزوجة
*******************
أحاط الاسلام العلاقة الزوجية برباط مقدس، حفظ فيها حقوق الزوجة وحقوق الزوجة وبين أن العلاقة الزوجية ليست علاقة شهوانية يقضي كل منها وطره ويشبع غريزته، بل ارتقى بها في مدارج الفضيلة، وجعل الأساس في اجتماع الزوجين والعشرة الزوجية المودة والرحمة والألفة. قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[النمل].
1- الوصية بها خيرا
على الزوج أن يستوصي بزوجته وأهله خيرا فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا " ([20])
يعني اقبلوا هذه الوصية التي أوصيكم بها وذلك أن تفعلوا خيرا مع النساء لأن النساء قاصرات في العقول وقاصرات في الدين وقاصرات في التفكير وقاصرات في جميع شئونهن فإنهن خلقن من ضلع وذلك أن آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله من غير أب ولا أم بل خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ولما أراد الله تعالى أن يبث منه هذه الخليقة خلق منه زوجه فخلقها من ضلعه الأعوج فخلقت من الضلع الأعوج والضلع الأعوج إن استمتعت به استمتعت به وفيه العوج وإن ذهبت تقيمه انكسر فهذه المرأة أيضا إن استمتع بها الإنسان استمتع بها على عوج فيرضى بما تيسر وإن أراد أن تستقيم فإنها لن تستقيم ولن يتمكن من ذلك فهي وإن استقامت في دينها فلن تستقيم فيما تقتضيه طبيعتها ولا تكون لزوجها على ما يريد في كل شيء بل لابد من مخالفة ولابد من تقصير مع القصور الذي فيها فهي قاصرة بمقتضى جبلتها وطبيعتها ومقصرة أيضا فإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها يعني معنى ذلك أنك إن حاولت أن تستقيم لك على ما تريد فلا يمكن ذلك وحينئذ تسأم منها وتطلقها فكسرها طلاقها وفي هذا توجيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاشرة الإنسان لأهله وأنه ينبغي أن يأخذ منهم العفو وما تيسر كما قال تعالى خذ العفو يعني ما عفي وسهل من أخلاق الناس { وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } ولا يمكن أن تجد امرأة مهما كان الأمر سالمة من العيب مائة بالمائة أو مواتية للزوج مائة بالمائة ولكن كما أرشد النبي عليه الصلاة والسلام استمتع بها على ما فيها من العوج وأيضا إن كرهت منها خلقا رضيت منها خلقا آخر فقابل هذا بهذا مع الصبر وقد قال الله تعالى { فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا }([21])
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أكْمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَاناً أحْسَنُهُمْ خُلُقاً ، وخِيَارُكُمْ خياركم لِنِسَائِهِمْ ))([22])
2-حسن الخلق معها وحسن المعاشرة لها واحتمال أذاها
لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾[النساء].
3-المسكن الشرعي بحسب حالة الزوج المادية
يجب أن يكون مجهزا بما تحتاجه الزوجة لقوله تعالى ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾[الطلاق].
4-النفقة عليها
 لقوله تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا
إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾[الطلاق].
5- أن يقوم بحمايتها وحفظ عفافها
ذلك بأن يمنعها من التبرج والاختلاط بالرجال الأجانب، ويلزمها بالحجاب الشرعي الذي يسترها من أنظار الفسقة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾[الأحزاب]
6-وقد كان من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة
دائم البشر يداعب أهله، ويتطلف بهم ويوسعهم نفقته، ويضاحك نسائه، ويسامر أهله قبل أن ينام، وقد قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾[الأحزاب].
وأحكام عشرة النساء والواجبات نحوهن وما يتعلق بتفصيل ذلك مبسوط في كتب السنة والفروع.

رابعًا: مسؤولية الزوجة تجاه الزوج
***********************
وإذا كان ما تقدم كله متعلقا أصالة بمسؤوليات الزوج تجاه زوجته فان الزوجة كذلك عليها مسؤوليات ضخمة وهامة تجاه زوجها وبيتها ومال زوجها وبنيها.
إن المرأة لها خصائصها ومميزاتها الجسمية والنفسية التي تنفرد بها عن الرجل، وكذلك الرجل لم يغفله الإسلام، بل وضع لكل منهما منهجا يسير عليه بحيث لا يخرجه عما فطره الله تعالى عليه، وبحيث يؤدي فرائضه وواجباته كاملة كما قال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾[النساء].
ولم يخرج الإسلام المرأة عن مكانها الواجب لها من التكرم، وحفظ الحقوق، بل جعلها مساوية للرجل، الا ما اقتضته الحاجة بالنسبة لنوعها وحفظ لها حقوقها كاملة من غير حيف ولا ظلم عليها والمرأة مساوية للرجل في العبادات والتكاليف الشرعية الا ما رخص لها فيه الشارع الحكيم مراعاة لطبيعتها الخلقية، نجد أن مسؤولياتها في بيتها تدور حول محور هو زوجها.
ومن أهم مسؤولياتها التي يلزمها ما يلي:
1. طاعة زوجها وموافقته وإجابة رغبته في كل ما يجب وما لا معصية فيه.
2. المحافظة على بيتها ومال زوجها
3. مساعدته على البر وإعانته على الخير وعدم الجائه إلى تكلف ما لا يطيق.
4. التهيئة لزوجها بما يعفه ويدعوه إلى محبتها
وأن تقوم بخدمته التي تصلح بها شأنه وتعينه على قيامه بواجبه تجاه نفسه وأهله والجماعة كلها فتكون قد أعانته على أمر الدنيا والآخرة فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ))([23])
5. أن تحسن من هيئتها ومنظرها لزوجه
فتدخل السرور إلى نفسه وتعصمه من الزلل الذي قد يواجهه خارج البيت.
6. أن تطيعه فيما أمر
 حتى في تطوع العبادات ونوافل الخيرات لا يحل لها أن تفعل ذلك إلا بإذن زوجها. ومن اطاعته له في أمره أن تجيبه إذا دعاها إلى الفراش. فعليها الإجابة والطاعة مهما كانت الظروف والمشاغل ما لم يكن لها عذر شرعي.
7. أن تحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.
هذه هي المسؤولية التي يجب على المرأة المسلمة أن تلتزم بها تجاه زوجها، ورسالة المرأة في الإسلام لا تقتصر على البيت والأسرة، بل تتعدى إلى المجتمع من حولها فهي عضو فيه، فيجب أن تأخذ حظها من المسؤولية فيه، ولكن في نطاق الحشمة والحجاب والاختلاط الذي أباحه الإسلام.

خامسًا: المسؤولية تجاه الأبناء
*******************
لقد مر بنا في العرض السابق بعض جوانب مسؤولية الأسرة التي بدأت خطوتها بفردين هما الزوج والزوجة لا بد أن يكون لتلاقيهما نتيجة وهذه النتيجة طبيعة وحتمية غالبا هي النسل الناشئ من هذا الرباط فلا بد أن تكون هناك أبوة ولا بد أن تكون بنوة ثم لا بد أن تمتد جذور الرباط الى ذوي الأرحام.
هنا نجد أن المسؤولية غير مقصورة على ما سبق ولكنها تمتد بامتداد الأسرة وتنموا بنموها. لذلك عنى الإسلام بالأسرة عناية كبيرة تلك الخلية الأولى التي يولد وينشأ فيها الأبناء. وعناية الإسلام
بالأطفال لا تقل عن عنايته بالأسرة، إن لم تكن الأسرة تابعة لهم في ذلك.
1- اختيار البيئة الصالحة:
فأول ما تتجه المسؤولية نحو الأبناء أن يختار لهم البيئة الصالحة في الأسرة، وذلك باختيار الزوجة الصالحة التقية التي ستكون معدن هؤلاء الأطفال والتي لها الحظ الأكبر في العناية بهم والإشراف على تربيتهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم»([24]).
2-ملاعبة الأطفال:
 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، انه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ r يُلاعِبُ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَهُوَ يَقُولُ: " يَا زُوَيْنِبُ، يَا زُوَيْنِبُ " مِرَارًا ([25])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ r يُقَبِّلُ الْحَسَنَ، فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ، لَا يُرْحَمْ ([26])
3-الدعاء لهم بالصلاح والهداية:
وقال تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان
وقال تعالى: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" الأحقاف 15.
4-عدم الدعاء عليهم:
عن جابر t قال : قال رسول الله r "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تبارك وتعالى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ " ([27])
5-العدل بينهم:

قال تعالى " قال الله " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا" النساء

وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ" انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ - نحلت أي أعطيت بلا مقابل- النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ قَالَ لَا قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي فإني لا أشهد على جور ثُمَّ قَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا
 إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ بَلَى قَالَ فَلَا إِذًا " ([28])
6-زيادة الإيمان في قلوبهم:
 فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ r يَوْمًا فَقَالَ:" يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ([29])
وقال تعالى (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بها اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) لقمان 16.
7-غرس الوازع الديني فيهم منذ الصغر:
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم 6 
قال سفيان الثوري، عن منصور، عن رجل، عن علي t في قوله تعالى: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) يقول: أدبوهم، علموهم؛ وقال قتادة: يأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصية الله، وأن يقوم عليهم بأمر الله، ويأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية، زجرتهم عنها ([30]).
وقال تعالى "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"
8- تعويدهم على الصلاة وغيرها من العبادات:
 ليكونوا متعلقين بفرائض الله تعالى وحريصين على طهارة القلب والبدن، وفي ذلك يقول الرّسول r: " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ "([31])
قال تعالى (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) لقمان 17
9-تعليمهم القرآن الكريم والعمل به:
عن أبي أمامة t قال: سمعت رسول الله (r) يقول: (يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا
 يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ). وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (r) ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ: (كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا) ([32])
تعويدهم على تحمل المسؤولية منذ صغرهم حتى يستطيعوا الاعتماد على أنفسهم عند الكبر فرسول الله صلى الله عليه وسلم يربي أسامة بن زيد على يديه، ثم في سن السابعة عشرة يكلفه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة جيش فيه أبو بكر وعمر، وينتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه وينفذ أبو بكر بعث أسامة فيتحمل المسؤولية ويمضي في مهمته ويعود منها محققا الغاية التي من أجلها أرسل الجيش ؛ وتعجب حين تعلم أن الصحابة كانوا يقولون بعد ذلك: ما رأينا أسلم من بعث أسامة؛ ذلك أن الله تعالى قد حفظ أفراد الجيش حتى رجعوا سالمين!!
وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان عمره إحدى عشرة سنة تقريبًا حين قَدِم النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – المدينة ، وكان يحضر مجالس الكِبار ويحضر مُناسبات المسلمين في المدينة، فلمَّا كبر أصبح علَمًا من أعلام المسلمين.
إذن تبدأ المسؤولية والأهمية من الأسرة، فالأسرة التي تربي أبناءها وتنمي قدراتهم وتغرس في نفوسهم حب الخير وحب الناس وحب العمل وحب الوطن والتمسك بالأخلاق والشمائل الإسلامية، والدفاع عن الوطن من الأعداء والحاسدين، إنما هي تقوم ببناء المجتمع.. أما تلك الأسرة التي لا تهتم بأبنائها ولا تنشئهم تنشئة اجتماعية سليمة، إنما هي تهدم المجتمع!!

التحذير من التفريط في  المسؤولية
************************
1- ذم الله تعالى لهم
قال تعالى: " مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً" الجمعة.
قال ابن كثير: يقول تعالى ذامًّا لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها، فلم يعملوا بها، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا، أي: كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها، فهو يحملها حملا حسيا ولا يدري ما عليه. وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه، حفظوه لفظا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه، بل أولوه وحرفوه وبدلوه، فهم أسوأ حالا من الحمير؛ لأن الحمار لا فهمَ له، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها؛ ولهذا قال في الآية الأخرى: { أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } [الأعراف: 179] وقال هاهنا: { بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }.
2- ضياع المسئولية والأمانة من علامات الساعة
عن أبي هريرة t قال : بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَومَ ، جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَمَضَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ ، فَقالَ بَعْضُ القَومِ : سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قالَ : أيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ ؟ )) قال : هَا أنا يَا رسُولَ اللهِ . قال : (( إذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ )) قال : كَيفَ إضَاعَتُهَا ؟ قال : (( إذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ )) ([33])
3- الخيبة لمن ضيع المسؤولية ولم يحافظ عليه
قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ الشمس
4- اعلم ان لا يغفل عن الظلم ابدا
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ ابراهيم
5- تحريم الجنة
عن أَبي يعلى مَعْقِل بن يَسارٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( مَا مِنْ عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ ، إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّة )) ([34]) . وفي رواية : (( فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّة )) .
وغشه لرعيته لأنه لم يتقي الله فيهم ويراعيهم حق الرعاية بإعطائهم حقوقهم واخذ ما عليهم منهم.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854




([1]) صحيح مسلم
([2]) متفق عليه
([3]) صحيح مسلم بشرح النووي
([4]) البحر المحيط
([5]) متفق عليه
([6]) صحيح الأدب المفرد
([7]) صحيح الترغيب والترهيب
([8]) صحيح ابن ماجة
([9]) السلسلة الصحيحة
([10]) صحيح مسلم
([11]) صحيح مسلم
([12]) صحيح الأدب المفرد
([13]) صحيح الأدب المفرد
([14]) صحيح الأدب المفرد
([15]) صحيح البخاري
([16]) صحيح الترغيب والترهيب
([17]) متفق عليه
([18]) متفق عليه
([19]) صحيح مسلم
([20]) صحيح البخاري
([21]) شرح رياض الصالحين لابن عثيمين
([22]) صحيح سنن الترمذي
([23]) صحيح مسلم
([24]) السلسلة الصحيحة
([25]) متفق عليه
([26]) صحيح مسلم
([27]) صحيح مسلم
([28]) صحيح مسلم
([29]) صحيح سنن الترمذي
([30])تفسير ابن كثير
([31]) صحيح أبي داود
([32]) صحيح مسلم
([33]) صحيح البخاري
([34]) متفق عليه 
**********************
لتحميل الخطبة #pdf برجاء الدخول إلى الرابط التالي
أو
أو


ولتحميل الخطبة #word برجاء الدخول إلى الرابط التالي
أو
أو
                                    
لـــ word 2003
أو
أو

ولتحميل الخطبة وخطب أخرى متنوعة برجاء الدخول إلى الرابط التالي

ولقراءة الخطبة مرتبة ومنسقة وجميع الخطب السابقة واللاحقة بإذن الله برجاء الدخول إلى الرابط التالي

ولمشاهدة الخطبة وخطب أخرى على اليوتيوب برجاء الدخول إلى الرابط التالي
التعليقات
0 التعليقات