سماحة الإسلام في العبادات للشيخ احمد أبو عيد
أو
الحمد لله الذي تفرد بالعز والجلال، وتوحد بالكبرياء والكمال، وجلّ عن الأشباه والأشكال، ودل على معرفة فزال الإشكال، وأذل من اعتز بغيره غاية الإذلال، وتفضل على المطيعين بلذيذ الإقبال، بيده ملكوت السماوات والأرض ومفاتيح الأقفال، لا رادّ لأمره ولا معقب لحكمه وهو الخالق الفعال.
واشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، هو الأول والآخر والظاهر والباطن الكبير المتعال، لا يحويه الفكر ولا يحده الحصر ولا يدركه الوهم والخيال.
يا من يجيب دعاء المضر في الظلم
|
**
|
يا كاشفا الضر والبلوى مع السقم
|
إن كان أهل التقى فازو بما عملـوا
|
**
|
فمن يجود على العاصين بالكـرم
|
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، الذي أيده بالمعجزات الظاهرة، والآيات الباهرة، وزينه بأشرف الخصال ورفعه إلى المقام الأسن، فكان قاب قوسين أو أدنى، وخلع الجمال.
جل الذي بعث الرسول رحيما
|
**
|
ليرد عنا في المعاد جحيما
|
وبـه نـرجى جنـة ونعيـما
|
**
|
وضحى على الكريم كريما
|
وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين.
العناصر
اولًا: الإسلام دين اليسر والسماحة
ثانيًا: التيسير على العباد في العبادات
ثالثًا: آثار الابتعاد عن منهج التيسير
الموضوع
مفهوم اليسر
اليُسْرُ لغة: ضد العُسْرِ. ومنه ﴿ الدِّين يُسْرٌ ﴾ أي سهلٌ سَمْحٌ قليل التشديد.
أما في الاصطلاح: تطبيق الأحكام الشرعية بصورة معتدلة كما جاءت في كتاب الله وسنة نبيه r، من غير تشدُّد يُحرِّم الحلال، ولا تميُّع يُحلِّل الحرام، ويدخل تحت هذا المسمى السماحة والسعة ورفع الحرج وغيرها من المصطلحات التي تحمل المدلول نفسه.
اولًا: الإسلام دين اليسر والسماحة
السماحة في الاحكام والتشريعات: قال تعالى ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الأعراف.
لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ﴿لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -r- ﴿لِلَّهِ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -r- فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -r- ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا أَىْ رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r ﴿ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾. قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى إِثْرِهَا ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قَالَ نَعَمْ ﴿رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قَالَ نَعَمْ ﴿رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ قَالَ نَعَمْ ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قَالَ نَعَمْ﴾﴿[1]﴾.
رفع الحرج: قال تعالى ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ الحج 78.، وقولـه أيضًا ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ البقرة:185، وقوله ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ النساء.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ ﴿إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ﴾ ﴿[2]﴾ ، وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ r وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، فَقَالَ: اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ: ارْمِ وَلاَ حَرَجَ فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ r عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ: افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ﴿ ﴿[3]﴾
الإسلام دين الوسط والاعتدال: فوسطية هذا الدين في كل جوانبه، في العقيدة والعبادة والمعاملة والسلوك وغيرها، وهو امتثال لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ ﴿البقرة﴾
النهي عن التشدد في العبادة: قال تعالى:﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفًا ﴾[النساء:]
وعن أَبي هريرةَ t عن النَّبيّ r قَالَ : (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) ﴿[4]﴾.
وفي رواية لَهُ: ﴿سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا﴾، (إلا غَلَبَهُ﴾: أي غَلَبَهُ الدِّينُ وَعَجَزَ ذلِكَ المُشَادُّ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ. وَ (الغَدْوَةُ): سير أولِ النهارِ. وَ (الرَّوْحَةُ): آخِرُ النهارِ. وَ (الدُّلْجَةُ): آخِرُ اللَّيلِ، وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ -عز وجل -بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب، واللهُ أعلم ﴿[5]﴾.
وعن ابن مسعود -t -: أنّ النَّبيّ -r -، قَالَ: (هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ) قالها ثَلاثاً ﴿[6]﴾، (المُتَنَطِّعونَ): المتعمقون المشددون في غير موضِعِ التشديدِ، وعن عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: مَنْ هذِهِ قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: مَهْ عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لاَ يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ﴾ ﴿[7]﴾
لا يؤاخذ المكره ما دام القلب مطمئنا بالإيمان: قال تعالى ﴿مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ النحل.
السماحة واليسر في الدعوة إلى الله : قال تعالى ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ النحل 125.
وقال تعالى: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشَى﴾ ﴿طه 44﴾.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ r جَالِسٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ r: ﴿ لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا ﴾ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ r وَقَالَ : ﴿ إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ، صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ ﴾ أَوْ قَالَ: ﴿ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ﴾﴿[8]﴾. وصدق سيدي رسول الله r حين قال:﴿ إن الله لم يبعثني مُعنفاً ولكن بعثني مُعلماً مُيسراً﴾﴿[9]﴾.
وقال الإمام الشافعي
وكنْ رجلًا على الأهوالِ جلدًا
|
**
|
وشيمتُكَ السَّمَاحَةُ والوفاءُ
|
وإن كثرت عيوبُكَ في البرايا
|
**
|
وسَرَّك أَنْ يَكونَ لها غِطَاءُ
|
تَسَتَّر بالسَّخَاءِ فكُلُّ عَيْبٍ
|
**
|
يُغطِّيه كما قيلَ السَّخاءُ
|
ولا ترجُ السَّمَاحَةَ مِن بخيلٍ
|
**
|
فَما في النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ
|
التوبة: التوبة من الأسس المتينة التي يرتكز عليها منهج التيسير في الإسلام، وهي سبب من أسباب ثبات المؤمن وبقائه على دين الله تعالى، حيث تزيل عن كاهله هموم المعاصي وأثقال المخالفات، وتدفعه للعمل دومًا نحو الأفضل، يقول الله تعالى :﴿ قُلْ يا عبادي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ﴿سورة الزمر الآية 53﴾.
والتوبة سبب لمحبة الله تعالى للإنسان عندما ينيب إليه بعد أن عصاه، ويندم على فعله :﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ ﴿سورة البقرة الآية 222﴾.
وعن أنس بن مالك قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- ﴿ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِى وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ﴾﴿[10]﴾.
وينبغي ألا يستكثر الإنسان على ربه بالتوبة إذا عصى ، أو يصارع نفسه ويدخلها في مستنقعات الوسواس الخناس إذا اقترفت يداه ذنبًا أو وقعت عينه على معصية ، بأن يقول : إن الله – تعالى – لن يغفر لي بعد هذا ، فهذه معصية كبرى ، وعقيدة فاسدة ، وسوء ظن بالله جل شأنه ، وهو باب من أبواب الشيطان لئلا يعود إلى ربه مرة أخرى ويعمل الأعمال الصالحة ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- ﴿ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ﴾ ﴿[11]﴾.
الأعمال الصالحة مكفرات للخطايا: قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ﴿سورة الفرقان الآية 70﴾.
عن معاذِ بنِ جبلٍ t عن رسولِ الله r قَالَ : ﴿اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ﴾ ﴿[12]﴾
وقد وردت أحاديث كثيرة تبين الأعمال التي تكفر السيئات وتحط منها، وترفع الدرجات وتزيد منها عند الله تعالى، نذكر بعضها:
أ – الوضوء
فإنه يكفر عن المسلم ذنوبه وخطاياه ما اجتنبت الكبائر عن عثمان بن عفان -t-، قَالَ: قَالَ رسول الله -r-: ﴾من تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُج مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ﴾ ﴿[13]﴾
ب – الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، وكذلك صوم رمضان، فإنها جميعا تكفر خطايا ابن آدم وترفع من درجاته وشأنه عند الله تعالى، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -r-قَالَ ﴿الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ﴾ ﴿[14]﴾.
عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأنصاري t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r-قَالَ:﴿...... وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ ﴿يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ﴾. قَالَ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ ﴿يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ﴾ ﴿[15]﴾
ج – أن كل ابتلاء ومصيبة يبتلى بها المسلم فهي كفارة له فعن أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: ﴿مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمِّ، وَلاَ حُزْنٍ، وَلاَ أَذًى، وَلاَ غَمِّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا؛ إِلاَّ كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ﴾ ﴿[16]﴾.
الأصل في الأشياء الإباحة: من أهم المرتكزات التي قام عليها منهج التيسير في الإسلام أن الأصل في الأشياء حلها وإباحتها، وليس منعها وحرمتها، فكل ما خلق في هذا الكون مسخرٌ للإنسان ومهيأ للاستمتاع به، ما لم يكن فيه نهي صريح، يقول الله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ ﴿سورة الجاثية الآية 13﴾.
وبما أن الشارع قد بيّن ذلك فلا يحق لأحد أن يحرم هذا المباح ، فإنه بذلك يدخل في نطاق التنطع والتعنت المنهي عنه ، ومن أجل ذلك جاء التحذير الرباني بالنهي عن تحريم الأمور المباحة أو تحليل المحرم ، فقد كان هذا السؤال سببًا لإخراج الناس من الدين الحق ، وإحلال غضب الله عليهم ، كما حدث لبعض الأمم السابقة ، يقول الله تعالى : ﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ *قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ
مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ﴾ المائدة.
فعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْئَلَتِهِ﴾ ﴿[17]﴾
التمتع بالطيبات التي أحلها الله دون اسراف أو تبذير: قال تعالى:﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾[الأعراف: 31، 32]، وقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة]، وهاتان الآيتان الكريمتان تبيِّنان للجماعة المؤمنة حقيقة منهج الإسلام في التمتع بالطيبات، ومقاومة الغلو الذي وجد في بعض الأديان، أو عند بعض المتنطعين.
السماحة مع غير المسلمين: قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ الممتحنة 8.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو t عَنْ النَّبِيِّ r قال ﴿ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ﴾﴿[18]﴾.
إن تقرير مبدأ المسامحة والتيسير في الدين لا يعني الإخلال بمقاصد الشريعة والدين : فلا يفهم من مبدأ التيسير أنه تفريط أو تسيب في تطبيق أحكام هذا الدين وتنفيذ أوامره، لأن هذا اليسر لا يكون في إثم أو معصية.
ولا يعني هذا المبدأ تجاوز الحلال والحرام أو الإخلال بالمفاهيم الإسلامية والآداب العامة، لأنه مبني أصلا على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الواضحة، فليس في تقرير هذا المبدأ ابتداع أو إدخال أمر جديد في الدين، لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ ﴿سورة البقرة الآية 185﴾.
وقوله تعالى :﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ ﴿سورة الحج الآية 78﴾.
– ولا يعني إقرار هذا المبدأ تحكيم الأهواء والرغبات، وتحقيق المصالح الشخصية من وراء ذلك، فقد يستغله ضعاف الإيمان لتحكيم أهوائهم ورغباتهم ويجعلون هذا يسرًا أو سماحة، بل اليسر والسماحة يجب أن تكون مبنية على مصادر التشريع الأصلية وهي القرآن الكريم والسنة والنبوية والإجماع.
ثانيًا: التيسير على العباد في العبادات
الطهارة: يقول الدكتور فالح بن محمد الصغير﴿[19]﴾: يظهر مبدأ اليسر والمسامحة في الطهارة واضحًا لأنه المدخل إلى العبادات ، واليسر فيها أمر ضروري ، لأن المسلم يتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات ، ويغتسل من الجنابة كذلك ، ويتعرض لبعض النجاسات هنا وهناك ، فإن الشدة في الطهارة توقعه في الضيق والحرج ويجعل نفسه تمل من العبادة نفسها فضلا عن الطهارة ، كما هي حال كثير من المصابين بالوسوسة أثناء الوضوء أو الطهارة أو وقوع بعض النجاسات على الثوب وغيرها ، وهذا ما نهى عنه الرسول r ، وهو جزء من سماحة هذا الدين ويسره ، وفضل من الله – تعالى – على عباده ليندفعوا نحو الطاعة وأداء العبادات بالصورة المطلوبة ، فعن عكرمة عن ابن عباس قال اغتسل بعض أزواج النبي r في جفنة فجاء النبي r ليتوضأ منها أو يغتسل فقالت له يا رسول الله إني كنت جنبا فقال رسول الله r إن الماء لا يجنب﴾﴿[20]﴾
وعن أبي هُرَيْرَةَ قال: ﴿جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ﴾﴿[21]﴾ ، ومن اليسر في الطهارة أيضًا إذا تعلقت قذارة بالنعلين فإن مسحهما بالأرض يطهرهما لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما ﴿[22]﴾. ومن يسر هذا الدين في الطهارة أن النجاسة الواقعة على الثوب تزال بالماء وهذا فيه يسر كبير إذا قورن بما كانت عليه بنو إسرائيل من قبل حيث كانوا يكلفون بقص ما أصيب بالنجاسة من الثوب.
التيمم: من اليسر في هذا الدين أن المسلم إذا لم يجد ماء ليتوضأ به أو كان به مرض أو جرح لا يستطيع أن يتوضأ بالماء ، فله أن يتيمم بالتراب ، فضلا من الله تعالى وتسهيلا عليه ، لقوله تعالى : ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾﴿سورة المائدة الآية 6﴾ .
بخلاف ما كانت عليه الشرائع السابقة، حيث لا تقبل صلاة من غير تطهر بالماء.
وجاء تأكيد هذا الأمر في السنة النبوية فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r:﴿ أُعْطِيتُ خَمْسًا
لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَكَانَ النَبِيُّ r يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاس كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ﴾ ﴿[23]﴾.
الصلاة: ويمكن بيان بعض صور التيسير في الصلاة من خلال النقاط الآتية:
1– أن فرضيتها خمس مرات في اليوم والليلة، فلا تأخذ وقتًا طويلًا، ولا تشغل الإنسان عن أداء أعماله اليومية، وإنما هي لقاءات مع الله تعالى يجدد فيها المؤمن العهد مع ربه على الطاعة والاستقامة والصلاح، وقد فرضت في البداية خمسين صلاة عند المعراج بالنبي r، ثم صارت خمس صلوات بأجر خمسين صلاة، وفي ذلك سماحة ورحمة.
2– مشروعية الجمع والقصر في الصلاة أثناء السفر أو المطر أو المرض، وذلك للظروف التي يمر بها الإنسان في هذه الحالات من قلة في الماء أو البرد أو خوف من الطريق أو زيادة في المرض، لذلك جعل الإسلام فيه الصلاة بشكل آخر يتناسب مع هذه الظروف فأجاز له الجمع والقصر، حيث قصرت الصلوات الرباعية إلى ركعتين فقط، فن جابر بن عبد الله t قال: ﴿أقام رسول الله r بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة ﴾ ﴿[24]﴾.
ويتغير وضع الصلاة وكيفيتها كذلك في حالة الخوف في الحرب أو هجوم سبع أو سيل أو نحوه، ويسهل أمرها وتقصر، لما في ذلك من مصلحة على المسلمين وحماية لهم من عدوهم الذين قد يغدرون بهم أثناء الصلاة، وتسمى هذه الصلاة بصلاة الخوف، قال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ ﴿سورة النساء 101﴾.
وهناك أحاديث وشواهد كثيرة بشأن قصر الصلاة، وذلك لوجود ظروف يصعب معها القيام بأداء هذه الصلوات كما هي في الأحوال الطبيعية.
3– جواز الصلاة في أي مكان من الأرض، حيث لم تكن جائزة عند الأمم السابقة إلا في المعابد والصوامع.
4– تخفيف الصلاة وعدم الإطالة فيها، لأن صلاة الجماعة تجمع بين الصغير والكبير والمريض، فينبغي مراعاة ذلك، وهذا ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحذر أصحابه منه، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ﴿ أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحيه واقبل إلى معاذ فقرأ بسورة البقرة والنساء فانطلق الرجل فبلغه أن معاذا نال منه فأتى النبي ﴿r﴾ فشكا اليه معاذا فقال النبي ﴿r﴾: يا معاذ أفتان أنت أو قال: أفاتن انت ثلاث مرار؟! فلو لا صليت بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة ﴾ ﴿[25]﴾ ، ويقول عليه الصلاة والسلام: ﴿ إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطوّل فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز في صلاتي، كراهية أن أشق على أمه﴾ ﴿[26]﴾.
5– رفعت الصلاة عن الحائض والنفساء، ولا تقضى بعد الطهر، وهذا يسر ولطف على المرأة، حيث تعاني في فترة الحيض والنفاس آلامًا ودماء، يصعب معها الصلاة، وقد تطول هذه المدة فيشق القضاء، فجاءت الرحمة الربانية على المرأة بهذا التيسير، ولم يطلب منها قضاء تلك الصلوات الفائتة عنها بعد ذلك .
6– مشروعية سجود السهو لجبر الخلل الذي يحصل في الصلاة، ولم تطلب إعادتها.
كل هذا اليسر وهذه السماحة جاءت في الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين وهو الصلاة التي هي أعظم الأعمال العملية، وفي هذا شاهد كبير ودليل ناصع على يسر هذا الدين وسماحته في العبادات.
أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t، قَالَ:﴿دَخَلَ النَّبِيُّ r فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ؛ فَقَالَ: مَا هذَا الْحَبْلُ قَالُوا: هذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَت فَقَالَ النَّبِيُّ r:لا حلوه، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ﴾﴿[27]﴾
الصيام: ويمكن سرد بعض صور التيسير في فرضية الصيام من خلال بيان النقاط الآتية:
1– أن الصيام لم يفرض إلا في شهر واحد من السنة وهو شهر رمضان، لقوله تعالى:﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾. وهذا تيسير وسعة في زمن هذا الفرض، يستطيع المؤمن أداءه بصورة مقبولة من غير عنت ولا مشقة.
2– أن وقت الصيام من الفجر إلى غروب الشمس، ولا يجوز الزيادة في هذا الوقت، من أجل ذلك نهي عن صوم الوصال وهو وصل صيام يومين أو ثلاثة متتاليات، لما في ذلك من مشقة وعنت على النفس، وخطورة على الإنسان، يقول عليه الصلاة والسلام: لا وصال يعني في الصوم.
3– من أفطر خطأً أو ناسيًا فإنه يكمل صومه، ولا حرج عليه، فإنما أطعمه الله وسقاه، يقول عليه
4– جواز الإفطار عند السفر أو المرض، لقوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ﴿سورة البقرة الآية 185﴾.
5– أن من لم يستطع الصوم يقضي أو يطعم إن لم يستطع القضاء.
الزكاة: وتتبين مظاهر اليسر والتسهيل في أداء فريضة الزكاة من خلال الأمور الآتية:
1– أنها لم تأت على جميع الممتلكات والعقارات والأموال، وإنما اقتصرت على بعض الأصناف مثل: بهيمة الأنعام، والأثمان، والزروع، وعروض التجارة.
2– ثم أنه يشترط في الأصناف التي تجب فيها الزكاة أن تبلغ النصاب، وهي في الفضة مائتي درهم، وفي الذهب عشرين مثقالا، وسائمة الإبل عن خمس، والبقر عن ثلاثين، والغنم عن أربعين، والحبوب والزروع والثمار عن خمسة أوسق. وقد أوضحت ذلك الأحاديث الكثيرة.
3– ومن يسر الإسلام أيضًا في أداء هذه الفريضة أنه لم يجعل دفع الزكاة إلا مرة واحدة في السنة، وذلك بعد أن يحول عليه الحول.
4– ومن ذلك أن مقدار المال الواجب دفعه للزكاة قليل جدًّا بالنسبة للمال الذي يوجب فيه الزكاة، بحيث لا يؤثر فيه كثيرا، ولا يتأثر بذلك صاحبه.
هذا فضلا عن كيفية تعامل الإسلام مع زكاة الزروع، حيث أوجب العشر في التي تسقى بماء المطر، ونصف العشر بالتي تسقى بالنضح والآبار، لقوله r فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر﴾﴿[29]﴾، ومعنى ﴿عثريا﴾ ما يشرب من غير سقي إما بعروقه أو بواسطة المطر والسيول والأنهار وهو ما يسمى بالبعل سمي بذلك من العاثوراء وهي الحفرة لتعثر الماء بها. ﴿العشر﴾ عشرة من المائة. ﴿بالنضح﴾ بنضح الماء والتكلف في استخراجه.
إن مثل هذه الشروط والأوصاف للزكاة يجعل صاحب المال يسارع إلى إخراج زكاة ماله عن طيب نفس، دون ضجر أو ملل أو تثاقل.
الحج: تتضح صور السماحة في الحج من خلال النقاط الآتية:
1– الاستطاعة في الزاد والراحلة، وألا يكون عليه دين أو التزام مالي آخر من حقوق الآخرين،
لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ ﴿سورة آل عمران الآية 97﴾.
2– وجوبه في العمر مرة واحدة، لأن فيه المشقة والعناء، فيصعب على المؤمن أن يؤديه كل عام، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -r-فَقَالَ ﴿أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا﴾. فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r ﴿لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ -ثُمَّ قَالَ -ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَدَعُوهُ﴾ ﴿[30]﴾.
3– التخيير بين المناسك الثلاثة: التمتع، والقران، والإفراد.
4– التخيير في الترتيب بين الأعمال الثلاثة يوم العيد، الرمي والحلق والطواف، وهذا فيه تيسير على الحاج الذي يعاني من زحمة الناس والمواصلات والأسفار، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَتَى النَّبِىَّ -r-رَجُلٌ فَقَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قَالَ ﴿فَاذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ﴾. قَالَ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ ﴿ارْمِ وَلاَ حَرَجَ﴾ ﴿[31]﴾.
5– كل خلل في واجبات الحج من غير قصد يجبر بفدية، وحجه صحيح إذا كان القصور من هذا الوجه فقط
6– ومن اليسر والسماحة في هذا الركن المبارك، أن الله – تعالى – جعله سببًا لمغفرة الذنوب والخطايا، وقد وعد الرسول r الحاج بالجنة وأنه يرجع كيوم ولدته أمه، وصفحته بيضاء ناصعة خالية من السيئات والذنوب: فعن أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: مَنْ حَجَّ هذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ﴾﴿[32]﴾.
ثالثًا: آثار الابتعاد عن منهج التيسير
التكليف بما لا يطاق: إن أي تشدد زائد في تطبيق أحكام هذا الدين وتكاليفه، وأي تجاوز للخط الذي رسمه الله – تعالى – لعباده، سيعرض صاحبه للوقوع في الحرج والمعصية، وقد بيّن ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام لأولئك النفر الذين حاولوا أن يكلفوا أنفسهم ما لا تطيق، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t، قَالَ:﴿ جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ r يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ r، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ r، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؛ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا؛ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ؛ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ r، فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؛ أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي﴾ ﴿[33]﴾، إن طبيعة الإنسان وفطرته لا تتحمل المداومة على القيام بأعمال تناقض هذه الطبيعة والفطرة، فالنوم فطرة وغريزة لا بد للإنسان أن يشبعها، فالذي يقل نومه لا يستطيع القيام بأعماله العلمية والدعوية والمعيشية في النهار، وقد ذكر الله – تعالى – أنه راحة وسبات للإنسان في أكثر من موضع في كتابه العزيز: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾ النبأ.
وكذلك الزواج الذي به تدوم الحياة ويزداد النسل البشري، وهي سنة لا ينفك عنها الإنسان، والذي يريد أن يمتنع [ص-25] عن الزواج يناقض فطرته، ويسهم في تدمير الحياة، ويخالف شرع الله – تعالى – الذي أوجب مبدأ الزواج وحث عليه في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة النبوية.
والأمر الثالث الذي أشار إليه الحديث الامتناع عن الأكل والصيام المستمر، فهذا أيضًا ثقل على النفس وعبء لا يتوافق مع فطرة الإنسان وغريزته التي تميل إلى الاستمتاع بطيبات الله التي أخرجها لعباده من هذه الأرض.
فمن أجل ترسيخ مبدأ اليسر والسماحة في تطبيق هذا الدين أسرع النبي r لإحضار هؤلاء النفر وبيان الخطأ الكبير الذي حاولوا أن يقعوا فيه، وأخبرهم بعد ذلك أنه عليه الصلاة والسلام أخشاهم لله وأتقاهم له، ولكنه لا يفرط في شيء على حساب آخر، فينام ويصلي، ويتزوج النساء، ويصوم ويفطر، وهذا هو الاعتدال والسماحة والسعة التي جاء بها هذا الدين العظيم.
الفهم الخاطئ لهذا الدين: إن الذي يتجاهل منهج التيسير والمسامحة في الإسلام يولد لديه قصور في فهم هذا الدين، لأنه لم يفهم هذا الدين كما أراده الله – تعالى – لعباده، وكما بيّنه لهم رسوله r، وهذا الفهم الخاطئ مع مرور الزمن يمتد ليغوص في مجمل أمور الدين ومجالاته، فلا يتوقف عند بعض العبادات أو أحكام معينة وإنما يتغلغل إلى الداخل حتى يتولد لدى صاحبه تصورات وأفكار بعيدة عن روح هذا الدين، ويدعو الناس إليها، ويحسب أنه يحسن صنعًا.
وهذه كانت حال الكثيرين ممن زهدوا في الدنيا فهجروا الطيبات، وامتنعوا عن الزواج وتركوا الأموال والأولاد، بقصد التفرغ للعبادة والدعوة، فأدخلهم ذلك في ضلالات الشرك وترهات التصوف، وأدخلوا في الدين ما ليس منه من الطقوس والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان. وما ذلك كله إلا بسبب تشددهم وتنطعهم الذي أدى إلى فهم خاطئ لهذا الدين وعدم إدراك منهج اليسر والسماحة فيه.
الأثر السلبي على الدعوة إلى الله: تميل النفس البشرية دائمًا إلى السماحة والسعة في كل شيء، وتضيق ذرعًا بالمشقة والعنت في كل شيء أيضًا، كما تميل هذه النفس إلى أولئك الناس الذين ينتهجون السماحة في حياتهم وتتعلق بهم أكثر من الذين ينتهجون خلاف ذلك.
ومعلوم أن من أهم عوامل نجاح الدعوة إلى الله – تعالى – أن يألف الناس الداعية ويحبوه ، وذلك من خلال فهمه لدين الله – تعالى – وطريقته لنقل هذا الدين بالصورة التي أرادها الله – تعالى – ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وهو أمر ضروري في الدعوة ، فإن كان الداعية ممن ينتهجون السماحة والسعة في تبليغ الإسلام ومبادئه ، ولا يحمل الناس فوق طاقاتهم كما كان يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام ، فإنه على خير ودعوته تسير نحو النجاح والتوفيق ، وأما إذا شدد على الناس وكلفهم بما لا يطيقون ، كأن ينكر عليهم كل شيء ولو كان مباحًا ، ويحرم عليهم ما لم يحرمه الله ورسوله r ، فإن هذا الداعية إنما ينفخ في الهواء ويسير نحو الفشل المؤكد ، لأنه بذلك خالف الشرع وطبائع البشر ، وتجاهل فطرهم ورغباتهم وحاجاتهم فعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -r-أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -r-بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ -r-لِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ﴾ ﴿[34]﴾.
يورث آثارا خطيرة على الفرد والمجتمع: الابتعاد عن هذا المنهج يورث آثارًا سلبية وأضرارًا خطيرة على عمل الإنسان وسلوكه في دينه ودنياه، وربما يخرجه عن الصراط السوي إلى السبل المتفرقة، والأفكار المنحرفة، فتفتح أبواب البدع والمحدثات على هذا الدين، ثم إن هذا الابتعاد عن منهج اليسر يؤثر تأثيرًا خطيرًا في حركة الدعوة إلى الله تعالى، ولا سيما بين أولئك الناس الذين يكونون حديثي عهد بهذا الدين.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد
0109 809 58 54
نسألكم الدعاء