حال النبي ﷺ مع أصحابه للشيخ أحمد أبو عيد

  



pdf


word



 

الحمد لله الذي تفرد في أزليته بعز كبريائه، وتوحد في صمديته بدوام بقائه، ونور بمعرفته قلوب أوليائه، وطيب أسرار القاصدين بطيب ثنائه، وأسبغ على الكافة جزيل عطائه، وأمن خوف الخائفين بحسن رجائه، الحي العليم الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في أرضه ولا سمائه، القدير لا شريك له في تدبيره وإنشائه

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير

يا رب

أنا من أنا في الوجود وديعة

**

وغدا سأمضي عابرا في رحلتي



أنا ما مدت يدي إلى غيرك سائل

**

فارحم بفضلك يا مهيمن ذلتي




  

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه، وسيد أصفيائه، المخصوص بالمقام المحمود، في اليوم المشهود، فجمع الأنبياء تحت لوائه

بشراكمو يا أمة المختار

**

في يوم القيامة جنـة وحريرا



فضلتموا حقا بأشرف مرسل

**

خير البرية باديا وحضورا




  

صلى عليه الله ربى دائـما

**

ما دامت الدنيا وزاد كثيرا
 

وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين

عناصــر الخـطبـة

أولا: فضائل الصحابة رضوان الله عليهم             ثانيا: صورٌ ومواقف من حال النبي ﷺ مع صحابته ثالثا: فضائل الصحابة رضوان الله عليهم              

المــوضــوع

أولا: فضائل الصحابة رضوان الله عليهم

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر: وَأَصَحّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِك أَنَّ الصَّحَابِيّ: مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ – r - مُؤْمِنَاً بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ.

فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ أَوْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَرْو، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ أَوْ لَمْ يَغْز، ومَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ لَمْ يُجَالِسهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ كَالْعَمَى([1])

هم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام:   فعن ابن عباس t في قول الله عز وجل (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) (النمل 59) قال: أصحاب محمد -r وهم طهارة القلوب، وصدق الإيمان فقال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) الفتح/18 قال ابن كثير " فعلم ما في قلوبهم: أي: من الصدق والوفاء والسمع والطاعة.

أثنى الله عليهم وذكر بعض صفاتهم: قال تعالى:( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود) الفتح

قال ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى عن محمد صلوات الله عليه، أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب، فقال: "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ"، وهذا مبتدأ وخبر، وهو مشتمل على كل وصف جميل، ثم ثنى بالثناء على أصحابه فقال: "وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ"، كما قال تعالى: "فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ" "المائدة: 54"، وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار، رحيمًا بَرًّا بالأخيار، غضوبًا عبوسًا في وجه الكافر، ضحوكًا بشوشًا في وجه أخيه المؤمن، كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً" "التوبة: 123"، و عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى »([2]).

وعنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا »([3]).

وقوله: "تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا"؛ وصفهم بكثرة العمل، وكثرة الصلاة، وهي خير الأعمال، ووصفهم بالإخلاص فيها لله عز وجل، والاحتساب عند الله جزيل الثواب، وهو الجنة المشتملة على فضل الله، وهو سَعَة الرزق عليهم، ورضاه تعالى عنهم، وهو أكبر من الأول، كما قال: "وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ" "التوبة: 72". وقوله: "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ"؛ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم" يعني: السَّمْتُ الحَسَن. وقال مجاهد وغير واحد: يعني: الخشوع والتواضع.

رضي الله عنهم وغفر لهم وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار: قال تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة 100) 

قال ابن تيمية: (فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان. ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان) الصارم المسلول: 572. ومن اتباعهم بإحسان الترضي عنهم والاستغفار لهم.

وقال تعالى ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح : 29) 

وقال -r-لعمر: (وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ([4])

وعن أنس قال: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق وينقلون التراب وهم يقولون: نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا ويقول النبي r وهو يجيبهم: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة ([5])

 زكى الله عز وجل ظاهرهم وباطنهم: فمن تزكية ظواهرهم وصفهم بأعظم الأخلاق الحميدة، ومنها قال تعالي (أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) الفتح: 29، (وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الحشر: 8، (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) الحشر: 9

أما بواطنهم، فأمر اختص به الله عز وجل، وهو وحده العليم بذات الصدور. فقد أخبرنا عز وجل بصدق بواطنهم وصلاح نياتهم، فقال على سبيل المثال :( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) الفتح: 18

(يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) الحشر: 9، (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) الفتح: 29

(لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) التوبة

فقد تاب عليهم سبحانه وتعالى؛ لما علم صدق نياتهم وصدق توبتهم. والتوبة عمل قلبي محض كما هو معلوم ... وهكذا.

هم الصادقون حقا بشهادة الله لهم: قال الله جلَّ وعلا:﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾"الحشر 8"، هكذا وصفهم الله:﴿ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾من هم؟ المهاجرين، ثمَّ قال عن الأنصار:﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ "يعني المدينة " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ " يحبون المهاجرين" وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾"الحشر 9"؛ هذا ثناءٌ على من ومن؟ على المهاجرين والأنصار من الصحابة

لا يستطيع أحد أن يبلغ درجتهم عند الله مهما فعل: عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي r: " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما  بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " ([6]).

وقد قال تعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) (الحديد 10)

وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة، وضيق الحال بخلاف غيرهم، ولأن إنفاقهم كان في نصرته -r-، وحمايته، وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم، وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة، والتودد، والخشوع، والتواضع، والإيثار، والجهاد في الله حق جهاده، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل، ولا ينال درجتها بشيء، والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

لهم الحظَّ الوافر والنَّصيب الكامل من الأجر: من دعوةِ النَّبيِّ r فعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله r يقول: " نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى له من سامع "([7]).

خير القرون على الإطلاق: عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله r "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي قوم بعد ذلك تسبق أيمانهم شهاداتهم أو شهاداتهم أيمانهم " ([8])

وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزروه، ونصروه، وآووه، وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام.

أمان لأهل الأرض بوجودهم: عن أبي بردة عن أبيه قال: رفع -يعني النبي r -رأسه إلى السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء. فقال: " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " ([9]).

وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض.

 

ثانيًا: صورٌ ومواقف من حال النبي  مع صحابته

تعليمهم برفق: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» (مسلم). وحينمَا أساءَ رجلٌ في صلاتِهِ فعلمَهُ صفتهَا، وسُمِّي حديثُهُ بحديثِ المسيءِ صلاته، والرجلُ الذي بالَ في المسجدِ، وغيرُ ذلك مِن المواقفِ.

تفقدهم والسؤالِ عنهُم: عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي اللهُ عنه-: " أنَّ النبيَّ ﷺ افْتَقَدَ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لكَ عِلْمَهُ، فأتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا في بَيْتِهِ، مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقالَ: ما شَأْنُكَ؟ فَقالَ: شَرٌّ، كانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النبيِّ ﷺ، فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وهو مِن أَهْلِ النَّارِ، فأتَى الرَّجُلُ فأخْبَرَهُ أنَّهُ قالَ كَذَا وكَذَا، فَقالَ مُوسَى بنُ أَنَسٍ: فَرَجَعَ المَرَّةَ الآخِرَةَ ببِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقالَ: اذْهَبْ إلَيْهِ، فَقُلْ له: إنَّكَ لَسْتَ مِن أَهْلِ النَّارِ، ولَكِنْ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ". (البخاري).

عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس تحلَّق إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجل له بني صغير يأتيه من خلف ظهره، ففقده بين يديه إلى أن ظعن في جنازة ذلك الصبي، قال: فامتنع الرجل من الحلقة لم يحضرها؛ يذكر بنيه حزنًا عليه، قال: وفقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما بالي لا أرى فلانًا؟ قالوا: يا نبي الله، هلك الذي رأيته فمنعه الحزن عليه، والذكر له أن يحضر الحلقة، فلقيه نبي الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك قال: فعزاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا فلان، أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غدًا بابًا من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله، لا، بل يسبقني إلى أبواب الجنة أحب إليَّ، قال: فذاك لك، فقام رجل من الأنصار فقال: يا نبي الله، أهذا لهذا خاصة، أم من هلك له طفل من المسلمين كان ذاك له؟ قال: بل من هلك له طفل من المسلمين كان ذلك له)) [رواه النسائي].

يصلح بينهم: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ".( البخاري).

يتبسمُ في وجوهِهم: عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ ﷺ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلاَ رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي". (متفق عليه). وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ فَكَلَّمَهُ، لَمْ يَصْرِفْ وَجْهَهُ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ، وَإِذَا صَافَحَهُ لَمْ يَنْزِعْ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُهَا، وَلَمْ يُرَ مُتَقَدِّمًا بِرُكْبَتَيْهِ جَلِيسًا لَهُ قَطُّ". (ابن ماجة بسند حسن).

متواضعا معهم: إذ يقول أنس (رضي الله عنه): "وَكَانَ إِذَا لَقِيَهُ وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَامَ مَعَهُ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْصَرِفُ عَنْهُ، وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ يَدَهُ، نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، فَلَمْ يَنْزِعْ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ عَنْهُ"، لا يستنكف أن يمشى في حاجاتهم، فعنْ أَنَسٍ: أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ "يَا أُمَّ فُلَانٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ"، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا (رواه مسلم) ويقول عبد الله بن أبي أوفى، إن النبي (صلى الله عليه وسلمَ) "لا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ لَهُ حَاجَتَهُ" (النسائي ) .

ممازحتهم: عن صُهَيْبٍ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَأْكُلُ تَمْرًا، فَأَقْبَلْتُ آكُلُ مِنَ التَّمْرِ وَبِعَيْنِي رَمَدٌ، فَقَالَ: «أَتَأْكُلُ التَّمْرَ وَبِكَ رَمَدٌ؟ فَقُلْتُ: إِنَّمَا آكُلُ عَلَى شِقِّي الصَّحِيحِ لَيْسَ بِهِ رَمَدٌ، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ». (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي).

وكذلك مزاحُهُ مع زاهرِ بنِ حرامٍ -رضي اللهُ عنه-، فقد جاء عن أنسِ بنِ مالكٍ يروي قصّةَ هذا الصحابيِّ فقال: "كان النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّه، وكان دَميمًا، فأَتاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَومًا، وهو يَبيعُ مَتاعَه، فاحْتَضَنَه مِن خَلفِه، وهو لا يُبصِرُه، فقال: أرسِلْني، مَن هذا؟ فالتَفَتَ، فعَرَفَ النَّبِيَّ ﷺ، فجعَلَ لا يَأْلو ما ألزَقَ ظَهرَه بصَدرِ النَّبِيِّ ﷺ حينَ عَرَفَه، وجعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَقولُ: مَن يَشْتَري العَبدَ؟ فقال: يا رَسولَ اللهِ، إذَنْ واللهِ تَجِدُني كاسِدًا. فقال النَّبِيُّ ﷺ: لكِنْ عِندَ اللهِ لستَ بكاسِدٍ". أَوْ قَالَ ﷺ: "بَلْ أَنْتَ عِنْدَ الله غال". (أحمد وابن حبان بسند صحيح).

وعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ : أَتَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ: ” يَا أُمَّ فُلانٍ ، إِنَّ الْجَنَّةَ لا تَدْخُلُهَا عَجُوزٌ ”، قَالَ: فَوَلَّتْ تَبْكِي , فَقَالَ: ” أَخْبِرُوهَا أَنَّهَا لا تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا}.(الواقعة: 35-37) .(الترمذي في الشمائل ).

سؤالهم عن أمور مختلفة: عن ابْنِ عُمَرَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ فَقَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ، قَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هِيَ النَّخْلَةُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.

ثناءه عليهم إظهارًا لفضلِهِم وعلوِّ قدرِهِم، فيذكرُ كلَّ صحابيٍّ بصفاتِهِ التي عُرفَ بهَا، فقد كان ﷺ أعرفَ الناسِ بأصحابِهِ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ  قَالَ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهُ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ»(سنن بن ماجة).

وعنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ (رضي الله عنهما) قَالَ: قَالَ النبي (صلى الله عليه وسلمَ)"خَيْرُكُمْ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" قَالَ عِمْرَانُ لاَ أَدْرِى أَذَكَرَ النبي (صلى الله عليه وسلمَ) بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً (رواه البخاري) وقال صلى الله عليه وسلمُ: "النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ ما تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي ما يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتي ما يُوعَدُونَ" (مسلم).

وفاؤه ﷺ لهم: فلم ينسَ ما قدَّمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام؛ فعن عليٍّ رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نفعني مال أحد قطُّ ما نفعني مال أبي بكر)) (صحيح الجامع).

 وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: ((إن أمَنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنتُ مُتَّخِذًا من الناس خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن خُلَّة الإسلام ومودته، لا يَبْقَيَنَّ في المسجد بابٌ إلا سُدَّ، إلا باب أبي بكر))[صحيح البخاري].

عيادته لمرضاهم: عن زيد بن أرقم، قال: ((أصابني رَمَدٌ فعادني النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فلما بَرَأَت خرجت، قال: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كانت عيناك لما بهما ما كنت صانعًا؟ قال: قلت: لو كانتا عيناي لما بهما صبرت واحتسبت، قال: لو كانت عيناك لما بهما، ثم صبرت واحتسبت، للقيت الله عز وجل ولا ذنب لك، قال إسماعيل: ثم صبرت واحتسبت، لأوجب الله لك الجنة))[سنن أبي داوود].

مواساتهم: كمواساتُهُ لأخِي أنسِ بنِ مالكٍ بسؤالِهِ عن الطائرِ الصغيرِ، فقد جاء عن أنسٍ أنَّه قال: " كان لي أخٌ صغيرٌ، وكان له نُغَرٌ يَلعَبُ به، فمات، فدخَلَ النَّبيُّ ﷺ ذاتَ يَومٍ فرآه حزينًا، فقال: ما شأنُ أبي عُمَيرٍ حزينًا؟ فقالوا: مات نُغَرُه الذي كان يَلعَبُ به يا رسولَ اللهِ، فقال: يا أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟ أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟". (أحمد بسند صحيح وعند مسلم مختصرا). والنُغَرُ: الطائرُ الصغيرُ.

ثالثًا: واجبنا نحو الصحابة

وجوب إكرامهم: عن عمر بن الخطاب t أن رسول الله -r-قال: (أكرموا أصحابي؛ فإنهم خياركم) ([10]).

إتباع هديهم: عن العرباض بن سارية قل قال رسول الله r"...أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وأن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" ([11])

وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود t: " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة؛ أولئك أصحاب محمد r كانوا أفضل هذه الأمة؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " ([12]).

وجوب حبهم وعدم بغضهم: عن البراء بن عازب أنه سمع النبي r أو قال قال النبي r في الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم فأحبه الله ومن أبغضهم فأبغضه الله فقلنا له: أنت سمعته من البراء فقال إياي حدث ([13])

 الدعاء لهم:  قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)الحشر.

قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب": إنَّ مِنْ شأن مَنْ جاء مِنْ بعد المهاجرين والأنصار، أن يذكر السابقين، وهم المهاجرون والأنصار، بالدعاء والرحمة، فمن لم يكن كذلك، بل ذكَرَهم بسوء، كان خارجًا من جملة أقسام المؤمنين بحسب نص هذه الآية.

سَلامة الصَّدر : أن تكونَ قلوبُنا سليمةً تُجاه الصحابة، ليس فيها غِلٌّ، ليس فيها حِقدٌ، ليس فيها ضَغِينَةٌ، ليس فيها بَغْضَاء ليس فيها عَدَاوةٌ، وإنَّما فيها المحبَّةُ، فيها الإحسان، فيها الرِّفق، فيها المودَّة، فيها اللين، هذا نأخذه من قوله:﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾يعني اجعلْ قلوبَنا سليمةً تجاه مَن سَبَقنا بالإيمان، وهُم إخوانُنا، بل هُم خيرُ إخوانِنا y وأرضاهُم.

سلامة اللِّسان:  ليس فيه سب، ليس فيه طعن، ليس فيه بذاء، ليس فيه فحش، وإنما قلبٌ نظيفٌ، ولسانٌ نقيٌّ تُجاه الصَّحابة الكرامِ وأرضاهم.

عدم الخوض فيما صدر بين الصحابة من خلاف فالله اعلم به :  أحد السَّلف سُئِل عن هذا الأمر فقال: «تلك فتنة طهَّرَ الله منها سيوفَنا، فَلْنُطَّهِّر منها ألسنَتَنا»

وقال تعالى:﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾"البقرة 134"

لنَفْرِض أنَّ أحدَ الصَّحابة أخطَأ فهل الله عزَّ وجلَّ يحاسبك يوم القيامة أنتَ على هَذا الخطأ؟﴿ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾فلماذَا تُقحِم نفسَك في هذا الَّذي شجَر بين الصَّحابة وأنتَ لستَ حسيبًا عليهم ولا رقيبًا.

 وأمرٌ آخَر وهُو في غاية الأهمِّيَّة: هذَا الخَطأ الَّذي حدث لنفرضُ أنَّه وُجِدَ عند بعض الصَّحابة ما شأنه في ميزان الإسلام؟

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -r-قَالَ «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ َاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([14]).

الدفاع عنهم: فيجب الدفاع عنهم من كل من يتحدث في حقهم بالباطل فهم عدول كما شهد لهم الله بذلك وهم كالنجوم وهم الثقات الذين نقلوا لنا القران والسنة النبوية فالقدح فيهم كالقدح في القران والسنة.

وان لم يكن لك علم لتدافع عنهم فإياك أن تجلس أو تستمع لمن يخوضون فيهم كما قال تعالى " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره...."

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

%%%%%%%%



([1])الإصابة في تمييز الصحابة

([2]) صحيح مسلم

([3]) متفق عليه

([4]) متفق عليه 

([5]) صحيح البخاري

([6]) متفق عليه

([7]) صحيح الترغيب والترهيب

([8]) متفق عليه

([9]) صحيح مسلم

([10])مشكاة المصابيح

([11])  صحيح الجامع

([12])  رواه ابن عبد البر في الجامع ، رقم (1810)

([13])  صحيح البخاري

([14]) متفق عليه

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات