سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية للشيخ أحمد أبو عيد

 


 

pdf


word

 

 

سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية

 

الحمد لله الحي العليم فلا يخفى عليه خافية، السميع البصير سواء عنده السر والعلانية

واشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير

يا من له ستر على جميل
أبديتني ورحمتني وسترتني
وعصيت ثم رأيت عفوك واسعا
فلك المحامد والمحاسن والثنايا

**

**

**

**

هل لي إليك إذ اعتذرت قبول
كرما فأنت لمن رجاك كفيل
وعلى سترك دائما مسدول
من هو المقصود والمسؤول

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه

صلوا على من أتت حقا بشائره
هو الرسول الذي شاعت رسالته
هو النبي الذي تأتي الملوك له
هو الطبيب لداء الناس كلهم
صلى عليه أله العرش ما طلعت

**

**

**

**

**

الهاشمي الذي طابت عناصره
في الخلق طرا وقد عمت مآثره
على الرؤوس فتأتيهم مفاخره
يشفي السقيم وللمكسور جابره
شمس وما ناح فوق الغصن طائره

وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين

العناصر

أولًا: الترغيب في عمل الخير                                                ثانيًا: مجالات عمل الخير

الموضوع

أولًا: الترغيب في عمل الخير

أمر الله بعمل الصالحات: قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }[المؤمنون: 51].

من صفات الأنبياء: قال تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) } البقرة.

وقال تعالى: { فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)، وقال تعالى: { وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)آل عمران. ، قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85)الأنعام.

من صفات المؤمنين: قال تعالى: { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)النساء.

وقال عبد الله بن مسعود-y-: {إنّ عمر بن الخطّاب كان حصنا حصينا للإسلام يدخل فيه، ولا يخرج منه، فلمّا مات عمر انثلم من الحصن ثلمة فهو يخرج منه، ولا يدخل فيه، وكان إذا سلك بنا طريقا وجدناه سهلا، فإذا ذكر الصّالحون، فحيّ هلا بعمر بن الخطّاب، كان فصل ما بين الزّيادة والنّقصان، والله لوددت أنّي أخدم مثله حتّى أموت» ([1]) ومعنى " انثلم ": انكسر.

الحياة الطيبة والأجر الحسن: قال تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾{النحل:97}.

لا خوف عليهم ولا هم يحزنون: قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "

وقال تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)البقرة.

هداية الله وتوفيقه لهم: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)يونس.

وعن أنس y أن النبي r قال {إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قيل كيف يستعمله قال يوفقه لعمل صالح قبل الموت} ([2])

لا يضيع الله لهم أجرًا: قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)" الكهف ، عن أبي موسى الأشعرِيِّ -y -، قَالَ: قَالَ رسولُ الله -r -:{إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً" ([3])

لهم الدرجات العُلى: قال تعالى: { وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)طه.

سلام الخلق على الصالحين في كل صلاة: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَقُولُ فِى الصَّلاَةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -r-السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -r- ذَاتَ يَوْمٍ { إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِى الصَّلاَةِ فَلْيَقُلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ » ([4]).

هو ما ينتفع به الموت بعد موته: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r-قَالَ {إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([5])، وشرط انتفاع الميت المستمر بالصدقة ان تكون جارية، وبالعلم ان يكون نافعا ، وبالولد أن يكون صالحا.

هو النافع المنَجِّي يوم القيامة: عن أبي هريرة y قال: قال رسول الله r (من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) ([6])

[ش (له مظلمة) أي قد ظلم أحدا بقول أو فعل. (عرضه) جانبه الذي يصونه ويحامي عنه من نفسه وحسبه. (فليتحلله) يطلب منه العفو والمسامحة أو يؤدي إليه مظلمته. (فحمل عليه) ألقي على الظالم عقوبات سيئات المظلوم]

البشرى بالجنة: قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)البقرة.

حفظ الأبناء بصلاح الآباء: قال تعالى: { وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)الكهف.

ثانيًا: مجالات عمل الخير وصفات أهله

يرجون لقاء الله تعالى: قال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾[الكهف: 110] أَيْ: فَمَنْ كَانَ رَاجِيًا مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ وَالسَّلَامَةَ مِنَ الشَّرِّ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا.

قال أبو علي الفضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه. إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبله الله، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبله الله حتى يكون خالصا صوابا، والخالص الذي يريد به وجه الله، والصالح أن يكون على السنة.

القنوت وحفظ الغيب: قال تعالى: " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" النساء.

طاعة الله ورسوله rقال تعالى: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)النساء.

قال تعالى: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)الفتح.

حماية النبي rعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَرِقَ رَسُولُ اللَّهِ -r-ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ لَيْتَ رَجُلاً صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِى يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ. قَالَتْ وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- «مَنْ هَذَا». قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ -r-حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ" ([7]).

والغطيط: الصوت الذي يخرج من نفس النائم.

الإقدام على الخير: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -r-يَقُولُ «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَرَّبْتُمُوهَا إِلَى الْخَيْرِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ شَرًّا تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» ([8]).

الدعاء بأن يرزقهم الله عمل الصالحات ويحشرهم مع الصالحين: قال تعالى: " فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)النمل ، وقال تعالى: " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)الأحقاف.

قال تعالى: { رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)يوسف.

اغتنام الفرص : عن ابن عباس قال: قال رسول الله r : " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة " قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء " ([9])

المرأة الصالحة خير متاع: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r- قَالَ «الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» ([10]).

أحب الأعمال الصالحة إلى الله الفرائض: عن أبي هريرة - y- ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - r - : { إنَّ الله تَعَالَى قَالَ : مَنْ عادى لي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدي بشَيءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أحِبَّهُ ، فَإذَا أَحبَبتُهُ كُنْتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشي بِهَا ، وَإنْ سَأَلَني أعْطَيْتُهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ} ([11]) . ومعنى: {آذَنتُهُ}: أعلمته بأني محارِب لَهُ.

ذكر الله كثيرا: قال تعالى: { إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)الشعراء.

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ y، قَالَ: { جَاءَ الْفُقَرَاءِ إِلَى النَّبِيِّ r، فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلاَ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُم فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ: أَلاَ أُحَدِّثكُمْ بِمَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، إِلاَّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتكبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا، فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَنَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَنكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: تَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَاللهُ أَكْبَرُ،

 حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ" ([12])

وزاد مسلمٌ في روايته: فَرَجَعَ فُقَراءُ المُهَاجِرينَ إِلَى رسولِ الله -r -، فقالوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أهْلُ الأمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا فَفَعَلُوا مِثْلَهُ؟ فَقَالَ رسُولُ الله -r -:"ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ".

التواصي بالحق والصبر: قال تعالى: { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)العصر.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمسارعة إلى الخيرات: قال تعالى: { وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)آل عمران.

بر الوالدين: عن أُسَيْر بن عمرو، ويقال: ابن جابر وَهُوَ -بضم الهمزة وفتح السين المهملة -قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ -y -إِذَا أتَى عَلَيهِ أمْدَادُ أهْلِ اليَمَنِ سَألَهُمْ: أفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أتَى عَلَى أُوَيْسٍ -y -، فَقَالَ لَهُ: أنْتَ أُوَيْسُ ابْنُ عَامِر؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ، فَبَرَأْتَ مِنْهُ إلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَكَ وَالِدةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله -r -، يقول: ((يَأتِي عَلَيْكُمْ أُويْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أمْدَادِ أهْلِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَبَرَأَ مِنْهُ إلاَّ موْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالدةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ، فإنِ اسْتَطَعْتَ أنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَل)) فَاسْتَغْفِرْ لي فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.........." ([13])

انظار المعسر: عَنْ ربعي بْنِ حِرَاشٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- «تَلَقَّتِ الْمَلاَئِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَقَالُوا أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ لاَ. قَالُوا تَذَكَّرْ. قَالَ كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَآمُرُ فِتْيَانِى أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ -قَالَ -قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَجَوَّزُوا عَنْهُ» ([14]).

المسارعة إلى الخيرات: قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} آل عمران:133، وقال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللّه وَرُسُلِهِ} الحديد:21.

قيام الليل: قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} الفرقان:64

الصيام: عن أَبي هريرة -y -، عن رسول الله -r -، قَالَ: ((تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَومَ الإثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأنَا صَائِمٌ)) ([15])

سقي الغير بالماء: عن ابن عباس y: أن رسول الله r جاء إلى السقاية فاستسقى فقال العباس: يا فضل اذهب إلى أمك فأت رسول الله r بشراب من عندها فقال: اسقني فشرب منه ثم أتى زمزم وهم يستقون ويعملون فيها فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح ثم قال: لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه يعني عاتقه وأشار إلى عاتقه" ([16]).

[ش (السقاية) الموضع الذي يسقى فيه الماء. (ويعملون فيها) ينزحون منها الماء. (لولا أن تغلبوا) بأن يجتمع عليكم الناس إذا رأوني أعمل اقتداء بي فيغلبوكم عليها لكثرتهم]

أعمال صالحة تظل صاحبها في ظل عرش الرحمن: عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ r، قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ" ([17])

مجالسة الصالحين ومحبتهم: قال الشّافعيّ-رحمه الله-:

أحبّ الصّالحين ولست منهم

لعلّي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من تجارته المعاصي

ولو كنّا سواء في البضاعة ([18])

وقال أبو العتاهية:

وإذا تناسبت الرّجال، فما أرى
وإذا بحثت عن التّقيّ وجدته
وإذا اتّقى الله امرؤ وأطاعه

**

**

**

نسبا يقاس بصالح الأعمال
رجلا يصدّق قوله بفعال
فتراه بين مكارم ومعالي ([19])

العمل بما علم: قال عمر بن الخطّاب-y-: «لا يغركم من قرأ القرآن إنّما هو كلام نتكلّم به ولكن انظروا من يعمل به» ([20])

وقال عليّ بن أبي طالب-y-«ارتحلت الدّنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكلّ واحدة

 منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدّنيا، فإنّ اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل» ([21]) ، وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في الأذكار: (اعلم أنه لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله ولا ينبغي أن يتركه مطلقا بل يأتي

 بما تيسر منه لقول النبي r: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا مما استطعتم " ([22])

وقال محمّد بن أبي عليّ الأصبهانيّ لبعضهم:

اعمل بعلمك تغنم أيّها الرّجل
والعلم زين وتقوى الله زينته
وحجّة الله ياذا العلم بالغة
تعلّم العلم واعمل ما استطعت به

**

**

**

**

لا ينفع العلم إن لم يحسن العمل
والمتّقون لهم في علمهم شغل
لا المكر ينفع فيها لا ولا الحيل
لا يلهينّك عنه اللهو والجدل ([23])

كل معروف هو عمل صالح: عن أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ r: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَال: فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ: فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ: فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ أَوْ قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ: فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ" ([24]) وغيرها من الأعمال الكثير والكثير ..................

فكن من الذين يعملون الصالحات في كل وقت ما استطاعوا واجعل عملك خالصًا لوجه الله تعالى والأجر عند الله عظيم، وإياك من الكسل عن عمل الصالحات فغدًا سياتي يوم يندم فيه كل من ضيع عملا واحدا صالحا بل ويتمنى ان يعود إلى الدنيا ليعمل صالحا، فيا أيها المسلم ها هو الوقت امامك فلا تضيعه ثم تندم عليه.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

والحمد لله رب العالمين

جمع وترتيب: الشيخ أحمد أبو عيد

 



([1]) شرح السنة للبغوي

([2]) صحيح الترغيب والترهيب

([3]) صحيح البخاري

([4]) متفق عليه

([5]) صحيح مسلم 

([6]) صحيح البخاري

([7]) صحيح مسلم

([8]) صحيح مسلم

([9]) صحيح البخاري  

([10]) صحيح مسلم

([11]) صحيح البخاري

([12]) متفق عليه

([13]) صحيح مسلم

([14]) متفق عليه

([15]) صحيح سنن الترمذي

([16]) صحيح البخاري

([17]) متفق عليه

([18]) ديوان الشافعي

([19]) ديوان أبو العتاهية

([20]) اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي

([21]) اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي

([22]) صحيح مسلم

([23]) اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي

([24]) متفق عليه

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات