أهمية العمل التطوعي للشيخ احمد أبو عيد
الحمد
لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، واشهد أن لا اله إلا الله تعظيما
لشانه وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلي رضوانه
وبعد
العناصر
أولاً:تعريف العمل التطوعي
ثانياً:أهمية العمل التطوعي
ثالثاً:مجالات التطوع ومقترحات لتطويره
رابعاً:نماذج العمل التطوعي
خامساً:أثر العمل التطوعي على الفرد والمجتمع
سادساً:معوقات العمل التطوعي
الموضوع
أولاً:تعريف العمل التطوعي
عرفه
اللحياني:بأنه "الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام
في تحمل مسئولية المؤسسة التي تعمل على تقديم الرعاية الاجتماعية"
وعرفه
العلي: بأنه "بذل مالي أو عيني أو بدني أو فكري يقدمه المسلم عن رضا
وقناعة،
بدافع من دينه، بدون مقابل بقصد الإسهام في مصالح معتبرة شرعاً، يحتاج إليها قطاع من
المسلمين".
والمتطوع
هو الشخص الذي يسخر نفسه عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين
بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد وتعدد القوى في اتجاه واحد.
ثانياً:أهمية العمل التطوعي
1-أمر الله به
قال
تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "
وقال
تعالى : - { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج:77).
2-من صفات الأنبياء
قال
تعالى:{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ
فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}
(73) سورة الأنبياء
3-من صفات المؤمنين
قال
تعالى: " والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا
بالحق وتواصوا بالصبر "
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ
مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ
وَالْحُمَّى ».مسلم
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من
سواهم ألا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده "صحيح . مشكاة المصابيح
ومهما
دق ذلك العمل فإنه مثاب عليه إذا كان خالصاً صوابا
4-العمل التطوعي إيمان صادق
بالله
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- « الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً
فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ
الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ».
5-محبة النبي صلى الله عليه وسلم
البالغة لأهل الأعمال التطوعية وعنايته بهم ، وتفقده
لهم .
عن
أبي هريرة رضي الله عنه : أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسأل عنها بعد أيام فقيل له : إنها ماتت فقال : " فهلا أذنتموني
فأتي
قبرها فصلى عليها " البخاري
6-وجوب العمل التطوعي
عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا
أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ أَحَادِيثَ
مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ
عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ - قَالَ - تَعْدِلُ بَيْنَ
الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِى دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا
أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ - قَالَ - وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ
صَدَقَةٌ وَكُلُّ خَطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الأَذَى
عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ».مسلم
والسُّلامى:
بضم المهملة وتخفيف اللام مع القصر أي مفصل، أصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل
في جميع عظام البدن
6-فيه الخير الكثير
قال
تعالى:" لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس
ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " سورة لنساء
فالأمر
هنا: عمل تطوعي بدني سواء كان أمراً بصدقة أو أمراً بمعروف والسعي والإصلاح بين الناس:
عمل تطوعي بدني.
و"
ابتغاء مرضات الله " أي مخلصاً في ذلك محتسباً مريداً وطالباً رضوان الله.
"
فسوف نؤتيه أجراً عظيما" أي ثواباً جزيلاً كثيراً واسعاً.
7-أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة
عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ
- وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ
».مسلم ...يفتر : يضعف ويكسل
وعن
أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بأفضل من درجة
الصيام والصلاة والصدقة قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين "
رواه
أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.. صحيح الجامع
وبلا
شك أن منزلة الصيام والصلاة عظيمة فهما ركنان من أركان الإسلام والمراد هنا بالصلاة
التي إصلاح ذات البين خير منها صلاة النوافل وليس الفرائض ولكنهما عمل محصور أجره وثوابه
على صاحبه بينما إصلاح ذات البين: نفع متعدي إلى الآخرين وقاعدة الشريعة: أن النفع
المتعدي أولى من النفع القاصر.
بمعنى
أن من يقضي وقته بإصلاح ذات البين أفضل ممن يشغل وقته بنوافل الصيام والصلاة.
8-خير من الاعتكاف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
عن
ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحب الناس إلى الله أنفعهم و أحب
الأعمال إلى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو
تطرد عنه جوعا و لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا
و من كف غضبه ستر الله عورته و من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه
رضى يوم القيامة و من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه
يوم تزل الأقدام و إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل " صحيح الجامع
9-من أسباب إعانة الله للعبد
عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نفس عن مسلم
كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستر الله
عليه في الدنيا والآخرة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله
في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"رواه مسلم
10-إعانة ذوي الاحتياجات الخاصة من أفضل الأعمال
وكف
الشر عن الناس درجة عليا من درجات العمل التطوعي
عن
أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال : الإيمان بالله والجهاد
في سبيله . قلت : أي الرقاب أفضل ؟ قال أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً . قال قلت
: فإن لم أفعل ؟ قال : تعين صانعاً أو تصنع لأخرق قال : قلت يا رسول الله إن ضعفت عن
بعض العمل ؟ قال : تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك " رواه مسلم ،وعند البخاري " تعين ضائعاً أو تصنع لأخرق
"
رجل
أخرق : لا صنعة له : أي غير صانع
11-وعد الله لهم بالجنات
قال
تعالى : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين
. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله
يحب المحسنين " .
أـ
وعد الله تبارك وتعالى أهل الإيمان المتطوعين بأعمال الإحسان المسارعين بجنة عرضها
السموات والأرض
ب-
وصفهم الله من خلال النص السابق بأنهم أهل الإحسان والتقوى .
ج-
وبشرهم تعالى من خلال النص السابق أنه يحبهم " والله يحب المحسنين "
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-
قَالَ « لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِى الْجَنَّةِ فِى شَجَرَةٍ قَطَعَهَا
مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِى النَّاسَ ».مسلم
12-من أقوال التابعين
أ-يقول الحسن رحمه الله : ( إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة
) ويقول (من نافسك في دينك فنافسه ومن نافسك في الدنيا فألقها في نحره )
ب- مالك بن دينار ( إن صدور المسلمين تغلي بأعمال البر وإن صدور الفجار تغلي بأعمال
الفجور ، والله تعالى يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله .
ج-ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي : ( رحم الله من أعان على الدين ولو بشطر كلمة
وإنما الهلاك في ترك ما يقدر عليه العبد من الدعوة إلى هذا الدين)
فالإنسان المسلم يعرف بأنه سيلتقي مع الله ، وأن لله عز وجل
وعد وعداً صادقاً لهذا الإنسان بأن يعطيه الأجر الذي يحفظه. هذا الإنسان لا يحتاج إلى
إعلان كبير ، يحتاج فقط أن يلتفت إلى وعد الله عز وجل . وإلى صدق وعد الله سبحانه وتعالى
. فهذا العمل الذي يسمى في المصطلح المدني عمل تطوعي . هذا العمل لابد من الحاجة إليه
، لكي يصلح المجتمع ، وترتفع كثير من مشكلاته وتمسح كثير من دموعه ، وترتفع كثير من
آهاته وتوجعاته
13-الندم في الآخرة علي عدم فعل الخير
قال تعالى﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ
رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾
14-حرمة الامتناع عن الخير
عن أبي مريم الأزدي رضي الله عنه أنه قال لمعاوية
رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من ولاه الله شيئا
من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره
يوم القيامة " فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس . السلسلة الصحيحة
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله
عند
أقوام نعما أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ما لم يملوهم فإذا ملوهم نقلها
إلى غيرهم" صحيح الترغيب والترهيب
وعن
ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد أنعم الله
عليه نعمة فأسبغها عليه ثم جعل من حوائج الناس إليه فتبرم فقد عرض تلك
النعمة للزوال" صحيح الترغيب والترهيب
ثالثاً:مجالات التطوع ومقترحات لتطويره
أ- مجالات التطوع
1- مجال العبادة : من خلال التطوع بالنوافل والسنن والقربات،
والأمر واسع ومتاح للتنافس والتسابق في شتى أنواع العبادات كالصلاة والصيام والصدقات
وغيرها.
2 - المجال الدعوي: كنشر الدعوة الإسلامية،وتعليم القرآن الكريم
حفظا وأداء وتدبرا، وإعداد الوعاظ، وطلاب العلم ، وكفالة الداعية، والباحثين، وبناء
الساجد
3 - المجالات العلمية:كإنشاء المكتبات والمدارس والمعاهد،
والجامعات، ومراكز البحوث ، والدراسات ، ورعاية الموهوبين ، وسائر المؤسسات العلمية
التي لا يكون هدفها الربح المالي، ثم القيام عليها ودعمها.
4 - المجالات المالية، التي تتطلب دفع المال وتقديمه بسخاء
من أجل نفع الناس ومساعدتهم،كفالة الأيتام ، والفقراء، والمحتاجين ، والأرامل، وأصحاب
الأمراض.
5 - المجالات الحرفية، من خلال التطوع فيما يتقن من أنواع
الحرف المفيدة النافعة التي تعالج مشكلات الفقر وغيرها ،كالزراعة والصناعة، والتجارة،
الخ .
6 - المجالات الفكرية، من خلال وضع الخطط الرائدة النافعة
للمجتمع والأمة الإسلامية ، والآراء الصائبة والنصائح القيمة،
7 - المجالات الصحية،كإنشاء المستشفيات ومراكز البحوث الصحية
8 - المجالات التربوية،كالندوات، ورعاية الأسرة، والتوجيهات
الأسرية، ورعاية النشء من الانحرافات.
9 - المجالات الإعلامية،كنشر المجلات النافعة ، وإنشاء القنوات
الفضائية الهادفة، ودعمها،بعدة لغات، وطباعة الكتب المفيدة، والترجمة.
10 - المجالات الاقتصادية،كإنشاء البنوك الإسلامية،
ومعالجة الفقر، ودعم الدول الفقير، ووضع الخطط التطويرية
11 - المجالات الاجتماعية،كإنشاء لجان الإصلاح
المحلية،وإصلاح ذات البين، وإعداد برامج أسرية ، وتربية الأولاد.
ب-مقترحات لتطوير العمل التطوعي:
1- أهمية تنشئة الأبناء تنشئة اجتماعية سليمة وذلك من
خلال قيام وسائط التنشئة المختلفة كالأسرة والمدرسة والإعلام بدور منسق ومتكامل الجوانب
في غرس قيم التضحية والإيثار وروح العمل الجماعي في نفوس الناشئة منذ مراحل الطفولة
المبكرة.
2- أن تضم البرامج الدراسية للمؤسسات التعليمية المختلفة بعض المقررات
الدراسية التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي التطوعي وأهميته ودوره التنموي ويقترن
ذلك ببعض البرامج التطبيقية؛ مما يثبت هذه القيمة في نفوس الشباب مثل حملات تنظيف محيط
المدرسة أو العناية بأشجار المدرسة أو خدمة البيئة.
3- دعم المؤسسات والهيئات التي تعمل في مجال
العمل التطوعي مادياً ومعنوياً بما يمكنها من تأدية رسالتها وزيادة خدماتها.
4- إقامة دورات تدريبية للعاملين في هذه الهيئات والمؤسسات
التطوعية مما يؤدي إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، ويساعد على زيادة كفاءتهم
في هذا النوع من العمل، وكذلك الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال.
5- التركيز في الأنشطة التطوعية على البرامج والمشروعات التي
ترتبط بإشباع الاحتياجات الأساسية للمواطنين؛ الأمر الذي يساهم في زيادة الإقبال على
المشاركة في هذه البرامج.
6- مطالبة وسائل الإعلام المختلفة بدور أكثر تأثيراً في تعريف
أفراد المجتمع بماهية العمل التطوعي ومدى حاجة المجتمع إليه وتبصيرهم بأهميته ودوره
في عملية التنمية، وكذلك إبراز دور العاملين في هذا المجال بطريقة تكسبهم الاحترام
الذاتي واحترام الآخرين.
7- تدعيم جهود الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث
العلمية حول العمل الاجتماعي التطوعي؛ مما يسهم في تحسين واقع العمل الاجتماعي بشكل
عام، والعمل التطوعي بشكل خاص.
8- استخدام العمل التطوعي في المعالجة النفسية والصحية
والسلوكية لبعض المتعاطين للمخدرات والمدمنين أو العاطلين أو المنحرفين اجتماعياً.
9- استخدام التكنولوجيا الحديثة لتنسيق العمل التطوعي
بين الجهات الحكومية والأهلية لتقديم الخدمات الاجتماعية وإعطاء بيانات دقيقة عن حجم
واتجاهات وحاجات العمل التطوعي الأهم للمجتمع.
*
إن للعمل الاجتماعي التطوعي فوائد جمة تعود على الفرد المتطوع نفسه وعلى المجتمع بأكمله،
وتؤدي إلى استغلال أمثل لطاقات الأفراد وخاصة الشباب في
مجالات
غنية ومثمرة لمصلحة التنمية الاجتماعية
رابعاً:نماذج العمل التطوعي
1-النبي صلى الله عليه وسلم
شهادة
أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بصور كثيرة من صور
العمل التطوعي :وذلك أنه لما رأى جبريل عليه السلام ونزل عليه بقول الله تعالى :
" اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . إقرأ وربك الأكرم " رجع
بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال : زملوني
فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة ، وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ،فقالت
خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم
، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .. الحديث (متفق عليه)
(
تحمل الكل ) تكفل اليتيم وتحمل ثقل العجزة . ( تكسب المعدوم ) تفوز بمعاونة الفقير
وتتبرع بالمال لمن عدمه وتعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك . ( تقري الضيف ) تحسن إليه
وتكرمه . ( نوائب الحق ) ما ينزل بالإنسان من حوادث ومصائب جمع نائبة
2-تطوع ذو القرنين ببناء السد
"
حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولا. قالوا يا ذا القرنين
إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدا.
قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما. آتوني زبر الحديد حتى
إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا. فما
اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله
دكاء وكان وعد ربي حقاً " سورة الكهف
تفسير
الآيات:
يأجوج
ومأجوج: من ذرية آدم خلق من خلق الله أهل شر وفساد وهم أكثر أهل النار وقد حال الله
بينهم وبين الإفساد في الأرض والإفساد على الخلق بسد ذي القرنين فإذا جاء وعد الله
جعل هذا السد الذي عجزوا عن نقبه والصعود عليه دكاً فيخرجون من كل حدب ينسلون ويعيثون
في الأرض فساداً ويمرون على بحيرة طبرية فيشربون ماءها ويمر بها آخرهم فيقول كان بهذه
ماء فيقتلون ويسلبون وينهبون ويظلمون ويحصر عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين في
الطور بعد أن يوحي الله إليه إني قد أخرجت عباداً لي لا يداً لأحد بقتالهم فحرز عبادي
إلى الطور ويؤمر عموم الناس بالهرب منهم وعدم مواجهتهم فمن طغيانهم وبغيهم وفسادهم
أنه بعد أن يعيثوا في الأرض قتلاً وتدميراً وإهلاكاً للحرث والنسل يقولون قتلنا أهل
الأرض فلنقتل أهل السماء فيرمون بنشبهم إلى السماء فيرجعها الله فتنة لهم مخضبة بالدماء
فيقولون قتلنا أهل الأرض وقتلنا أهل السماء وتكون نهايتهم أن يجأر من بقي من أهل الأرض
وعلى رأسهم عيسى عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين بالشكوى إلى الله أن يرفع
عنهم البأساء والضراء فيرسل الله على يأجوج ومأجوج دود النَغف في رقابهم فيصبحون موتى
جميعاً في ليلة واحده في كل أصقاع الأرض كموت نفس واحدة.
فكان
بناء السد نعمة عظمى للبشرية وسبباً من أسباب هناء العيش على الأرض
"
قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا "
قال
ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس: " خرجاً ": أي أجراً عظيماً يعني أنهم أرادوا
أن يجمعوا له من بينهم مالاً يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدا.
فقال
ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير:" ما مكّني فيه ربي خير " أي إن
الذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعونه كما قال سليمان عليه السلام:
" أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم "
وهكذا
قال ذو القرنين الذي أنا فيه خير من الذي تبذلونه ولكن ساعدوني بقوة أي بعملكم وآلات
البناء " أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد " والزبر: جمع زبرة وهي
القطعة منه.
3-سيدنا موسى عليه السلام
قال
تعالي:" ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين
تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير. فسقى لهما ثم
تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير " القصص
التفسير:
"
ولما ورد ماء مدين " أي وصل إليه، وهو الماء الذي يستقون منه
"
وجد عليه أمة من الناس يسقون " أي وجد على الماء جماعة كثيرة من الناس يسقون مواشيهم،
ومدين اسم للقبيلة لا للقرية
"
ووجد من دونهم " أي من دون الناس الذين يسقون ما بينهم وبين الجهة التي جاء منها
، " امرأتين تذودان " أي تحبسان أغنامهما عن الماء حتى يفرغ الناس ويخلو
بينهما وبين الماء. ،" قال ما خطبكما " أي قال موسى للمرأتين: ما شأنكما
لا تسقيان غنمكما مع الناس ؟
"
قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء " أي أن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء
وينصرفوا منه حذراً من مخالطتهم، أو عجزاً عن السقي معهم والرعاء: جمع راعٍ
"
وأبونا شيخ كبير " عالي السن لا يقدر أن يسقى ماشيته من الكبر فلذلك احتجنا ونحن
امرأتان ضعيفتان أن نسقي الغنم لعدم وجود رجل يقوم لنا بذلك.
فلما
سمع موسى كلامها رحمهما وسقى لهما أغنامهما، فلما فرغ من السقي لهما تولى إلى الظل
أي انصرف إليه فجلس فيه ونادي ربه " قال رب إني لما أنزلت إلى من خير " أي
خير كان " فقير " أي محتاج إلى ذلك، قيل أراد بذلك الطعام.
ولما
قدم إلى موسى الطعام قال: إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بملأ الأرض ذهبا
وذهب
أكثر المفسرين: إلى أن المرأتين ابنتا شعيب عليه السلام فحصل له سكينة وطمأنينة إلى
رسول من رسل الله، وزوجته هي ابنة رسول، وطعام حلال بإجارة شريفة.
فكان
هذا العمل التطوعي الصالح سبباً وباب خير له عليه الصلاة والسلام
4-سيدنا الخضر عليه السلام
قال
تعالى:" وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان
أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن
أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا " سورة الكهف
وهذا
الأب كان الأب السابع لهذين الغلامين اليتيمين وفيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ
في ذريته وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى درجة
الصالحين في الجنة لتقر عينه بهم قال ابن عباس: حفظا بصلاح أبيهما ولم يذكر لهما صلاح.
قال
الحسن البصري: " وكان تحته كنزهما " قال: لوح من الذهب مكتوب فيه باسم الله
الرحمن الرحيم
5-السيدة خديجة بنت خويلد (أم المؤمنين رضي
الله عنها وأرضاها) ، فقد بذلت جهدها ومالها في مؤازرة الرسول صلى الله عليه وسلم .
6- زينب بنت جحش رضي الله عنها ، التي قال عنهـــا الرسول صلى
الله عليه وسلم ( أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً ) رواه مسلم
والمقصود
بطول اليد : كثرة مدها بالعطاء للفقراء ، فقد كانت رضي الله عنها تعمل بيدها وتتصدق
على الفقراء وتقول عنها عائشة رضي الله عنها
: (ولم أر أمراة قط خيراً في الدين من زينب بنت جحش ، وأتقى لله وأصدق حديثاً وأوصل
للرحم وأعظم صدقة وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تتصدق به وتتقرب به لله تعالى
) رواه مسلم
7- أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : تضحي بنطاقها وتشقه
نصفين وهو أغلى وأثمن ما تملك رضي الله عنها تقول ( صنعت سفره للنبي صلى الله عليه
وسلم وأبي بكر حين أراد المدينة، فقلت لأبي : ما أجد شيئاً أربطه إلا نطاقي قال : فشقيه
ففعلت فسُميت ذات النطاقين ) رواه البخاري .
8- الشفاء بنت عبد الله : التي كانت تقوم بتعليم نساء النبي
صلى الله عليه وسلم - خاصة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما -القراءة والكتابة.
وإذا
أردت أن تستقرأ تلك الأعمال التطوعية الجليلة فاقرأ في كتب سير هؤلاء الرجال العظماء
ولا يزال هذا الموكب الإيماني والركب النوراني يتهادى في دروب الأعمال التطوعية الصالحة
وهاأنت ترى بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام على وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أمته
تقتفى سنته وتتبع أثره وتعتصم بحبل الله المتين القرآن الكريم وتستن بسنة خير المرسلين
.
فتجد من يتطوع في تعليم الناس أمور دينهم من إلقاء
الدروس والمحاضرات والندوات ابتغاء ما عند الله لا ما عند الخلق ، وتجد من ينتدب نفسه
لمعالجة الفقراء والمعوزين ، وتجد من ينتدب نفسه لدلالة التائهين من الحجاج ومساعدة
العجزة وسقيا الماء ، وتجد من يدافع عن حقوق المظلومين والمأسورين والمقهورين والضعفاء
، وتجد من النساء من تعد أنواع المطبوخات لتصرفها في الأسواق الخيرية لدعم مشاريع تحفيظ
القرآن ، وتجد من احتسب نفسه ووقته وجهده في نفع إخوانه المسلمين في باب الرقية الشرعية
، وتجد من احتسب من النساء في تجهيز بنات الفقراء لأزواجهن بالخضاب والطيب وترتيب الشعر
، وإعارة الحلي والملابس ، وتجد من
احتسب
في إيناس المرضى بزيارتهم وتفريحهم وإدخال السرور عليهم .
خامساً:أثر العمل التطوعي على الفرد
والمجتمع
أ- على الفرد
1-
تنمية وإثراء الحس الإيماني لدى الشباب
2-
كسب الأجر والثواب في الدنيا والآخرة.
3-
تنمية قيمة الاحتساب والعمل ابتغاء وجه الله عز وجل
4-
استثمار الأوقات الذهبية لدى الشباب في نفع الأمة
5-
تعويد الفرد على تحمل المسؤولية .
6-
الارتقاء بفكر الشباب إلى معالي الأمور
7-
تهذيب الشخصيَّة ورفع عقلية الشح
8-
يتيح للفرد تعلم مهارات جديدة أو تحسين مهارات يمتلكها.
ب- على المجتمع
1-
غرس القيم النبيلة والشريفة بين أفراد المجتمع
2-
الحفاظ على الشباب من الانحرافات السلوكية والفكرية المنحرفة.
3-
حل المشاكل والمعضلات وخاصة وقت الأزمات.
4-
التآلف والتحابب بين الناس
5-
معالجة النظرة العدائية تجاه الآخرين والحياة.
6-
التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع.
7-
الزيادة من قدرة الإنسان على التفاعل والتواصل مع الآخرين
8-
الحد من النزوع إلى الفردية وتنمية الحس الاجتماعي.
سادساً:معوقات العمل التطوعي:
ورغم
أهميه العمل التطوعي إلا أن هناك العديد من العقبات التى تجد من فاعليته ومنها:
أولا: معوقات شخصية :
1
الجهل بأهمية وأهداف العمل التطوعي.
2-عدم
إجادة المتطوع للدور المطلوب منه
3-سعى
بعض المتطوعين إلى تحقيق مكاسب شخصية وهو ما
يتعارض مع طبيعة العمل التطوعي.
ثانيا:معوقات إداريه:
1عدم
وضع المتطوع في العمل المناسب لقدراته وميوله واستعداداته.
2-عدم
مشاركة المتطوع في بناء التنظيمات والهياكل الإدارية .
3-عدم
تهيئة الأماكن المناسبة للعمل والإنتاج .
4-ضعف
اللوائح والأنظمة الخاصة بالعمل التطوعي
5-عدم
توافر برامج خاصة لتدريب المتطوعين قبل تكليفهم بالعمل.
6-عدم
التقدير المناسب للجهد الذي يبذله المتطوع.
7-انتفاء
المؤسسية وشخصنه العمل التطوعي في بعض المنظمات التطوعية، ومن مظاهرها المحاباة في
إسناد الأعمال، وتعيين العاملين من الأقارب من غير ذوي الكفاءة.
ثالثا:معوقات اجتماعيه:
1-عدم
معرفة المجتمع بأهمية العمل التطوعي
2-عدم
وجود لوائح وتنظيمات واضحة تنظم العمل التطوعي وتحميه.
3-استغلال
العمل التطوعي لتحقيق أهداف غير مشروعة
رابعا: معوقات اقتصادية :
1-عدم
توفر المبالغ اللازمة للعمل التطوعي، مما قد يوقع بعض المنظمات التطوعية في فخ المنح
والمساعدات الأجنبية تكمن ورائها أهداف مشبوهة .
2-فرض
ضرائب ورسوم جمركية كبيره على معدات وأجهزة وآليات المنظمات والهيئات التطوعية .
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد
إعداد الشيخ :احمد أبو عيد
لتحميل الخطبة #pdf برجاء الدخول إلى الرابط التالي
لتحميل الخطبة #word برجاء الدخول إلى الرابط التالي
ولتحميل الخطبة وخطب أخرى
متنوعة برجاء الدخول إلى الرابط التالي
ولقراءة
الخطبة مرتبة ومنسقة برجاء الدخول إلى الرابط التالي
ولمشاهدة
الخطبة وخطب أخرى على اليوتيوب برجاء الدخول إلى الرابط التالي