فضل بناء المساجد للشيخ احمد ابو عيد
وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، الملك فوق كل الملوك القوي الجبار سخر لنا الفُلك ومهد لها أمواج البحار، وخلق الشمس والقمر وقلب الليل والنهار، صورنا فأحسن صورنا، وجعل لنا السمع والأفئدة والأبصار، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ "إبراهيم: 34"
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله المختار.. إمام المتقين والأبرار، المسلَّم من العيوب والمطهَّر مِن الأوضار، المنصور بالرعب على مسيرة شهر في كل الأمصار، إذا جاهد فالسيف في يده بتار، وإذا سالم استوى في أمانه المسلمون والكفار، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وما دامت الشمس في فلكها والقمر في المدار.
العناصر
أولا: فضل المساجد وعمارتها
ثانيَا: آداب المساجد
ثالثًا: بعض ما نهى عنه رسول الله ( في المساجد
رابعاً: حرمة الإرهاب والإفساد في دور العبادة وغيرها
خامسًا: بشريات لشهداء المساجد
الموضوع
أولا: فضل المساجد وعمارتها
هي بيوت الله في الأرض: قال تعالى"وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) سورة الجن فهذه هي المساجد، هي بيوت كرمها الله سبحانه، بل زاد في تكريمها بأن نسبها إلى نفسه سبحانه فقال: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا "الجن 18"، فأيّ رفعة أعظم من هذه الرفعة؟! وأي قدر أرفع من هذا القدر؟ ، وما دام رب العالمين قد رفع المساجد وأعلى ذكرها وكذلك رسوله الكريم فلا بد لنا من منطلق الإيمان والطاعة لله ورسوله أن نعلي المساجد ونحترمها ونرفع قدرها؛ لنكون عبادا خاضعين خاشعين لربّ العالمين عاملين بسنة خير المرسلين.
علامة على الإيمان بالله: قال تعالى" إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18) سورة التوبة
يذكر فيها اسم الله: قال تعالى" فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ* لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" النور ، قال القرطبي في أحكام القرآن عن هذه الآية: " أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ أي: تُعظّم"، وقال ابن كثير في تفسيره: " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ أي: أمر الله بتعاهدها وتطهيرها من الدّنس واللغو والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها".
هي أحب البلاد إلى الله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( : أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ( - قَالَ :أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدهَا ، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقهَا()
المساجد ليست أماكن لأداء الصلاة فقط ولكنها مراكز للتعليم والتوجيه ، ومؤسسات للتربية والتنشئة ، ومعاهد للفقه الشرعي ، والبحث العلمي عن طريق ما يعقد فيها من دروس ومحاضرات وندوات، وما يلقى على منابرها من خطب ومواعظ ونصائح في مختلف جوانب الحياة الفردية والجماعية . واعلموا ـ بارك الله فيكم ـ أنه ما لم تكن تلك وظيفة المساجد ورسالتها الخالدة ومهمتها العظمى فإنها ستظل معطلة ، ولن تؤتي ثمارها الطيبة المباركة التي وجدت من أجلها . يقول أحد دعاة الإسلام : " من أراد أن ينظر وأن يتعرف على حقيقة مدينة من المدن ، أو قرية من القرى ، فلينظر إلى مساجدها ، ولير ما مقدار اهتمام الناس بهذه المساجد ؟ وما هي علاقتهم بها ؟ حينها يحكم على هذا الجيل أو هذه الطائفة من الناس ومدى رقيهم الحضاري الإسلامي " . من هنا كانت المساجد في تاريخنا الإسلامي المجيد قلاعاً للإيمان ، وحصوناً للفضيلة ، وبيوتاً للأتقياء ، وينابيع للصلاح ، وموارد للخير ، ومجامع الأمة ، ومواضع الأئمة .
يقول الإمام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد، فإن
النبي -صلى الله عليه وسلم- أسس مسجده على التقوى، ففيه الصلاة والقراءة والذكر وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم"()
المساجد كلها فوائد وحسنات: قال الحسن البصري – رحمه الله -: " أيها المؤمن! لن تعدم المسجد إحدى خمس فوائد أولها: مغفرة من الله تكفر ما سلف من الخطيئة، وثانيها: اكتساب رجل صالح تحبه في الله، وثالثها: أن تعرف جيرانك فتتفقد مريضهم وفقيرهم، ورابعها: أن تكف سمعك وبصرك عن الحرام، وخامسها: أن تسمع آية تهديك".
علامة من علامات الإيمان : قال تعالى : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة: 18)
وليس عمارة المساجد ببنائها وتشيدها فقط ، بل تكون العمارة بالصلاة فيها ، وجعلها واحة للآمنين وملجأ للخائفين ، وإصلاحاً للمتخاصمين ، وتعليماً للمتعلمين .
من بني لله مسجداً بني الله له بيتاً في الجنة: عن عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ -(- إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -(- يَقُولُ « مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِى الْجَنَّةِ ». وَفِى رِوَايَةِ هَارُونَ « بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ »() ، وعن عثمان ( قال : قال رسول الله ( : " من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة "()
أجر يبقى من العمل بعد الموت: فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (:(إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ)()
بيت كل تقي: عن أبي الدرداء ( قال سمعت رسول الله ( يقول المسجد بيت كل تقي ()
في ضمان الله: عن أبي هريرة: ((ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله عز وجل، ورجل خرج غازيا في سبيل الله تعالى ورجل خرج حاجا))()
نزلا في الجنة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ( قَالَ:( مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي
الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا وَرَاحَ) ()
النور التام يوم القيامة: وعَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ ( قَالَ: بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ ، إِلَى الْمَسَاجِدِ ، بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَة()
محو الخطايا ورفع الدرجات: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ()
ثانيَا: آداب المساجد
الإخلاص: عن أبي أمامة عن النبي ( قال: "من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا أو يُعلمه كان له كأجر حاج تامًا حجته"()
التسوك والتطهر في البيت وعدم تشبيك الأصابع بعده: عن أبي هريرة عن النبي ( ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء )() ، والتطهر في المنزل له فضل عظيم فينبغي الحرص عليه لما روى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -(- « مَنْ تَطَهَّرَ فِى بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِىَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً »() ولا مانع من الوضوء في المسجد لكن في البيت أعظم أجرا
إسباغ الوضوء: عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هِلاَلٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إِلَى السَّاقَيْنِ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -(- يَقُولُ « إِنَّ أُمَّتِى يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ »()
المحافظة على المظهر الحسن عند ارتيادها والدخول إليها: قال تعالى: " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ " الأعراف. ومعنى ذلك أن يلبس المصلي لباساً لائقاً بالمساجد من حيث النظافة والستر ، وعن ابنِ عمر ( قال: قال رسول الله : ((إذا صلَّى أحدُكم فليبَس ثوبَيه، فإنَّ الله أحقُّ مَن يُتزيَّن له)) () ، و الحذر الحذر من ارتيادها بملابس غير لائقة كأن يأتي الإنسان إلى المسجد بثياب النوم أو بملابس العمل المتسخة أو التي تفوح منها الروائح المؤذية أو نحوها لأن في ذلك عدم احترام
لقدسية هذا المكان ، ثم لأنها قد تؤذي برائحتها من في المسجد من الملائكة والمصلين .
إغلاق الجوال قبل دخول المسجد: فمن التشويشِ والإيذاء الذي عمَّ وطمَّ في مساجدِ المسلمين وقطَعَ عليهم خشوعَهم وسكونهم ما يصدُر من أجهزةِ الجوّال اليومَ من المقاطع الغنائيّة والنغمات الموسيقيّة والأصوات المطرِبَة التي آذت المسلمين أيّما إيذاء، فعَلى كل مسلم يخشى ربَّه ويخاف عقوبتَه أن لا يدنِّسَ بيوتَ الله التي بُنيَت للذكرِ والصلاة وقراءةِ القرآن بهذه النَّغَمات المحرمة والأجراس الشيطانيّة، وعليه أن يسارع في محوِها والتخلُّص من شرِّها وإثمها.
الدخول بالرجل اليمنى والسلام على النبي ( : فعن أنس ( أنه قال: "من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى"()، عن أبي هريرة - قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -(- « إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي و ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك و إذا خرج فليسلم على النبي و ليقل : اللهم اعصمني من الشيطان »()
التسوك وأداء التحية عند الدخول : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -(- قَالَ « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ - وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَلَى أُمَّتِى - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ »()
وتحية المسجد سنة مؤكدة جدا تفعل في كل وقت حتى في أوقات النهي ما دام المرء دخل المسجد فعَنْ أَبِى قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -(- قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ -(- جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَىِ النَّاسِ - قَالَ - فَجَلَسْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -(- « مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ ». قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ. قَالَ « فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ »(). والمقصود ألا يجلس حتى يصلي .
وغيرها...................
ثالثًا: بعض ما نهى عنه رسول الله ( في المساجد
أكل ما له رائحة كريهة كالثوم : فعن ابن عمر ( ( ) أن النبي ( قال في غزوة خيبـر : " من أكل من هذه الشجرة – يعني الثوم – فلا يقربنَّ مسجدنا "(، ويشمل ذلك التدخين فإنه يظهر منه رائحة كريهة فينبغي البعد عنه والحذر منه ومن هنا فإن على كل مسلمٍ أن يهتم بنظافة المساجد وتطييبها وإزالة الأذى منها حتى تشتاق إليها الأرواح ، وترتاح إليها الأنفس .
النجاسات والقاذورات: عن أبي سعيد الخدري قال : بينما رسول الله ( يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله ( صلاته قال : " ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ " قالوا : رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا . فقال رسول الله ( : " إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما "()
النخامة في المسجد: رأى النبي - ( – في جدار المسجد نخامة فتناول حصاة فحكه وعدها خطيئة وقال: (البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها) ()
وعنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ (، قَالَ: عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي ، حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا ، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا ، الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا ، النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ () ، وروى سعيد بن منصور عن أبي عبيدة بن الجراح أنه تنخم في المسجد ليلة فنسي أن يدفنها حتى رجع إلى منزله، فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها، ثم قال: الحمد لله الذي لم يكتب عليَّ خطيئة الليلة. قال: فدل على أن الخطيئة تختص بمن تركها وعلة النهي ترشد إليه وهي تأذي المؤمن بها ().
مضايَقَة ومزاحمَة المصلين: ومحاولةِ اقتحام الصفّ عليهم مع تعذُّر ذلك بسبَبِ الضيق والازدحام الشديد، أو بالتشويشِ عليهم بالجهر بالقراءةِ والدعاء، فعن أبي سعيد الخدريّ قال: اعتكف رسول الله في المسجدِ، فسمعهم يجهرون بالقراءةِ، فكشف السترَ فقال: ((ألا إنَّ كلَّكم مناجٍ ربَّه، فلا يؤذِيَنَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفَع بعضكم على بَعضٍ في القراءة)) أو قال: ((في الصلاة)) ()
رفع الصوت: قال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" الحجرات ، وقال تعالى (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) الحج، وعن أبي سعيد ( قال: "اعتكف رسول الله ( في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة"()، وعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ، فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب ( فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ فَجِئْتُهُ بِهِمَا، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا ؟ أَوْ - مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا ؟ قَالَا: مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ ! قَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ( ؟"() ، "( فحصبني ) رماني بالحصباء وهي الحجارة الصغيرة . ( لأوجعتكما ) أي جلدتكما حتى أوجعتكما "
البيع والشراء وإنشاد الضالة: أخرج الترمذي عن أبي هريرة: ((إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك ضالتك))() ، وعن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -(- « مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِى الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لاَ رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا »() ، فعلي من أراد التجارة أو إنشاد الضالة أن يفعل ذلك خارج المسجد
هيشات الأسواق: قال (:"ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم وإياكم وهيشات الأسواق (ثلاثاً)()، ( هيشات الأسواق : أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات ) ()
أخي الحبيب إن المسجد يذكرك فيقول:
أنا مسجـد لله مـر بســاحتي
**
دهـر طـويل وانطـوت أعمـار
كم زارني التـاريخ زورة عـاشق
**
ولكم تجمـع عنـدي الأبــرار
بالأمس تمتلئ القلـوب مهـابـة
**
منى وتشرح صـدري الأذكــار
ويرتـل القـرآن بين جـوانجي
**
فجـوانحي بهـدى الكتاب تنـار
وتثير إعجـاب السحـاب مآذني
**
وتحيـطني بحنـانهـا الأســوار
كم جـاء من يـأوي إلى فضمه
**
صدري الحنـون وزالت الأخطـار
رابعاً: حرمة الإرهاب والإفساد في دور العبادة وغيرها
حرمة الإفساد في المسجد بكل صوره: قال تعالى: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"(البقرة 114) ، وقال تعالى" ألم يعلموا انه من يحادد الله ورسوله فان له نار جهنم خالدين فيها ذلك الخزي العظيم" التوبة ، وقال تعالى" مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ" التوبة
وكذلك دور العبادة لغير المسلمين كما فعل عمر بن الخطاب فيما عرف بالعهدة العمرية ، فبعد
انتصار المسلمين في معركة اليرموك دخل عمر رضى الله عنه القدس ليتسلم مفاتيحها من بطريرك القدس صفرونيوس في 15 هـ، وكتب لهم عمر بن الخطاب كتاباً به شروط الصلح.. ونصه : «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها ؛ أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم ". () ، ومن هذا المنطلق علينا أن نتكاتف ونتعاون جميعاً مسلمون ونصاري لمقاومة هذا الإرهاب الغاشم الظالم ؛ الذي اجتاح بلادنا ودمر مقدساتنا وسعى في الأرض فساداً ؛ حتى نعيش في أمن وسلام واطمئنان .
النهي عن الفساد : قال تعالى ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾ الأعراف 56، قال تعالى: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ البقرة.
علم الله بالمفسدين: قال سبحانه ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾ آل عمران 63
تعجيل العقوبة في الدنيا والحساب كذلك في الآخرة: عن أبي بكرة ( قال قال رسول الله ( ﴿ مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ ﴾ ﴿﴾
وقال تعالى:﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ *إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ* وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ* وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ* الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ* فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ* فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ* إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ ﴿الفجر: ٦-١٤﴾
الخزي في الدنيا والآخرة: يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ المائدة فهذا عقاب في الدنيا غير ما ينتظرهم في الآخرة
عدم الفلاح : قال تعالى ﴿وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ النحل
عدم قبول العمل: قال تعالى ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ يونس
الحرمان من محبة الله تعالى: قال تعالى ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ﴾ القصص
قتل لنفس واحدة يعتبر قتل للجميع: قال تعالى:﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ المائدة، قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: ﴿من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعًا، ومن حرَّم دم مسلم فكأنما حرَّم دماء الناس جميعًا﴾.
دخول النار حتى في تعذيب الحيوان الأعجم :عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -(-قَالَ ﴿دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِى هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ هِىَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلاً﴾. قَالَ الزهري ذَلِكَ لِئَلاَّ يَتَّكِلَ رَجُلٌ وَلاَ يَيْأَسَ رَجُلٌ ﴾﴾ ومعنى: الخشاش: هوام الأرض وحشراتها واحده خَشَاشَة.
وعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: كنا مع رسول الله ( في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي ( فقال: من فجع هذه بولدها؟! ردوا ولدها إليها. والسياق لأبي داود وزاد: ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار ﴾﴿﴾، و ﴿الحمرة: طائر صغير كالعصفور أحمر اللون. تفرش: ترفرف بجناحيها وتقترب من الأرض﴾.
فإذا كان الإسلام قد اقر الأمان للطير والحيوان فكيف يتجرأ عليه سفهاء العقول ومرضى القلوب في حق الإنسان؛ إذ يرهبون العباد ويفسدون في البلاد
النهى عن الترويع على سبيل الهزل من غير ضرر أو اعتداء : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ (: ﴿ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ (، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ، فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ﴾﴿﴾
وعن أَبَى هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رسول الله (: ﴿ مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ﴾ ﴿﴾
قتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا : وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (: ﴿ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا ﴾﴿﴾
جَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا: فلقد توعد المولى سبحانه من قتل مسلما متعمدا بأشد العذاب قال تعالى
﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ النساء ، وعن أبى الْحَكَمِ الْبَجَلِيُّ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، يَذْكُرَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (، قَالَ: ﴿ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ، وَأَهْلَ الْأَرْضِ، اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ، لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ ﴾﴿﴾
عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ﴿ يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، يَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ الْعَرْشِ ﴾ ﴿﴾
خامسًا: بشريات لشهداء المساجد
مغفرة الله لهم: عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ - أَو المُؤْمِنُ - فَغَسَلَ وَجْهَهُ ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ المَاءِ ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ ، خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، فَإذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ ، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ المَاءِ ، أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ ، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنَ الذُّنُوبِ )) () .
هم في ضمان الله وحفظه حتى يدخلهم الجنة: عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ ، رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ، وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ .)) ()
أجرهم على الله: قال تعالى: "وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" (النساء: 100)، أي فقد حصل له أجر المهاجر، وكتب في زمرة المهاجرين. لذلك كان الصحابة يحرصون على الموت في سبيل الله ويسألون الله ذلك في دعائهم وصلاتهم.
توفاهم الله على الإسلام: قال تعالى: { وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أي: حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، فعياذًا بالله من خلاف ذلك().
شهادة النبي ( بحب الله لهم: عن أبي عنبة الخولاني قال قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «إِذَا
أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ» قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «يَفْتَحُ اللَّهُ عز وجل لَهُ عَمَلًا صَالِحًا قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ» () فقد وفقهم الله لتكون آخر حياتهم صلاة الجمعة.
هم جيران الله: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ : " أَيْنَ جِيرَانِي ؟ أَيْنَ جِيرَانِي ؟ " فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : رَبَّنَا ، وَمَنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجَاوِرَكَ ؟ فَيَقُولُ : " أَيْنَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ ؟ " ()
نسأل الله تعالى أن يرحم شهدائنا وأن يرزق أهلهم الصبر والسلوان ، وأن يحفظ مصر وأهلها وبلاد المسلمين من شر الأشرار ومن كيد الفجار ومن شر ما تعاقب عليه الليل والنهار إنه هو العزيز الغفار.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854