فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها للشيخ أحمد أبو عيد

 



pdf


pdf خط كبير


word


الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولى الصالحين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله إمام النبيين

وبعد

العناصر:

أولًا: غايات ومقاصد عامة                                                     ثانيًا: غايات ومقاصد خاصة

الموضوع

أولًا: غايات ومقاصد عامة

تهذيب الأخلاق

          == ففي الصلاة

 قال تعالى: ] اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) [ سورة العنكبوت

قَالَ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَهُوَ قِرَاءَتُهُ وَإِبْلَاغُهُ لِلنَّاسِ، {وَأَقِمِ الصلاة إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفشحاء وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَشْتَمِلُ عَلَى شَيْئَيْنِ عَلَى تَرْكِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، أي مُوَاظَبَتَهَا تَحْمِلُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ.

قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ، قال: «إنه سينهاه ما تقول» ([1]وَتَشْتَمِلُ الصَّلَاةُ أَيْضًا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَطْلُوبُ الْأَكْبَرُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أَيْ أَعْظَمُ مِنَ الْأَوَّلِ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} أي يعلم جميع أعمالكم وأقوالكم، وقال أبو العالية: إِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا ثَلَاثُ خِصَالٍ، فَكُلُّ صَلَاةٍ لَا يَكُونُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْخِلَالِ فَلَيْسَتْ بِصَلَاةٍ: الْإِخْلَاصُ، وَالْخَشْيَةُ، وَذِكْرُ اللَّهِ، فَالْإِخْلَاصُ يَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْخَشْيَةُ تَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَذِكْرُ الله (الْقُرْآنِ) يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ الْأَنْصَارِيُّ: إِذَا كُنْتَ فِي صَلَاةٍ فَأَنْتَ فِي مَعْرُوفٍ وَقَدْ حَجَزَتْكَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالَّذِي أَنْتَ فيه مِّن ذِكْرِ الله أكبر، وعن ابن عباس في قوله تعالى {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} يَقُولُ: وَلَذِكْرُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه (وهو قول مجاهد وبه قال غير واحد من السلف) ([2])

 

 

          == وفي الصيام

 عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ، فَإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ» ([3])

والرفث: الكلام الفاحش: والصخب: الخصام والصياح. وهذا ممنوع في كل وقت، ولكنه يتأكد للصائم.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْجَهْلَ، وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» ([4])

(من لم يدع) أي يترك. (قول الزور) أي الكذب. (والجهل) أي صفات الجهل أو أحوال الجهل. (والعمل به) أي بالجهل. والمعاصي كلها عمل بالجهل. (فلا حاجة) كناية عن عدم القبول] .

          == وفي الحج

قال تعالى : ] الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197) [ سورة البقرة.

أي أن وقت الحج أشهر معلومات، وهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة. فمن أوجب الحج على نفسه فيهن بالإحرام، فيحرم عليه الجماع ومقدماته القولية والفعلية، ويحرم عليه الخروج عن طاعة الله تعالى بفعل المعاصي، والجدال في الحج الذي يؤدي إلى الغضب والكراهية. وما تفعلوا من خير يعلمه الله، فيجازي كلا على عمله. وخذوا لأنفسكم زادًا من الطعام والشراب لسفر الحج، وزادًا من صالح الأعمال للدار الآخرة، فإن خير الزاد تقوى الله، وخافوني يا أصحاب العقول السليمة.

 

تحقيق التقوى بعبودية الله ـ عزَّ وجل

وذلك لأنَّه عبادة يتقرب بها العبد لربِّه بترك محبوباته ، وقمع شهواته ، فيضبط نفسه بالتقوى ومراقبة الله ـ سبحانه وتعالى ـ في كل مكان وزمان ،

          == في الصلاة

قال تعالى: ] وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [ البقرة 177

          == وفي الصيام

قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة 183

وإذا تأمَّلنا أمره ـ تعالى ـ لعلَّنا نستنتج أنَّ هذا ـ والله أعلم ـ من باب التسلية للمؤمنين حين أوجب عليهم الصيام ، فبيَّن لهم أنَّه قد فرض الصيام على من كان قبلهم من الأمم في الدهور المنصرمة، فلا يتعجبوا حين فرض عليهم الصوم، ثمَّ قال تعالى:( لعلكم تتقون) وهذا هو المقصد الأسمى ، في حكمة مشروعية الصيام.(فهو لجام المتَّقين ، وجُنَّة المحاربين ، ورياضة الأبرار والمقرَّبين ، وهو لربِّ العالمين من بين سائر الأعمال ، فإنَّ الصائم لا يفعل شيئاً ، وإنَّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده ، فهو ترك محبوبات النفس وتلذّذاتها إيثاراً لمحبَّة الله ومرضاته ، وهو سرٌّ بين العبد وربه لا يطَّلع عليه سواه ، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة ، وأمَّا كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده ، فهو أمر لا يطَّلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم) ([5])

          == وفي الحج

 قال تعالى: ] وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ (197) [ سورة البقرة

لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالزَّادِ للسفر في الدنيا، فأرشدهم إِلَى زَادِ الْآخِرَةِ وَهُوَ  اسْتِصْحَابُ التَّقْوَى إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ: {وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}، لَمَّا ذَكَرَ اللَّبَاسَ الْحِسِّيَّ، نَبَّهَ مُرْشِدًا إِلَى اللَّبَاسِ الْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ الْخُشُوعُ وَالطَّاعَةُ وَالتَّقْوَى، وَذَكَرَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِّنْ هَذَا وَأَنْفَعُ. قَالَ عَطَاءٌ: يعني زاد الْآخِرَةِ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَتَزَوَّدُواْ} قَامَ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المسليمن فقال: يا رسول الله ما نجد ما نَتَزَوَّدُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تزودْ مَا تَكُفُّ بِهِ وَجْهَكَ عَنِ النَّاسِ وَخَيْرُ مَا تَزَوَّدْتُمُ التَّقْوَى» (رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ) وَقَوْلُهُ: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، يَقُولُ: وَاتَّقُوا عِقَابِي وَنَكَالِي وَعَذَابِي، لِمَنْ خَالَفَنِي وَلَمْ يَأْتَمِرْ بِأَمْرِي، يَا ذَوِي الْعُقُولِ وَالْأَفْهَامِ. ([6])

          == وفي الصدقات

قال تعالى: ] لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [ الحج 37

لن ينال اللهَ مِن لحوم هذه الذبائح ولا من دمائها شيء، ولكن يناله الإخلاص والتقوى فيها، وأن يكون القصد بها وجه الله وحده، كذلك ذللها لكم -أيها المتقربون-؛ لتعظموا الله، وتشكروا له على ما هداكم من الحق، فإنه أهلٌ لذلك. وبشِّر -أيها النبي- المحسنين بعبادة الله وحده والمحسنين إلى خلقه بكل خير وفلاح.

ثانيًا: غايات ومقاصد خاصة

          == في الصلاة

تغسل الخطايا: لحديث جابر -t -قال: قال رسول اللَّه -r -: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ غمرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات"([7])

تكفّر السيئات: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r -قَالَ "الصَّلاَةُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ". ([8])

نور لصاحبها في الدنيا والآخرة: عن بريدة -t -عن النبي -r  -أنه قال: "بشر المشاءين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"([9])

يرفع اللَّه بها الدرجات، ويحط الخطايا: عن أَبِى طَلْحَةَ الْيَعْمَرِىُّ قَالَ لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -r -فَقُلْتُ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِى اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ. أَوْ قَالَ قُلْتُ بِأَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ. فَسَكَتَ ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -r -فَقَالَ "عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً". قَالَ مَعْدَانُ ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِى مِثْلَ مَا قَالَ لِى ثَوْبَانُ"([10])

دخول الجنة برفقة النبي -r : عن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِىُّ قَالَ كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -r -فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِى "سَلْ". فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِى الْجَنَّةِ. قَالَ "أَوَغَيْرَ ذَلِكَ". قُلْتُ هُوَ ذَاكَ. قَالَ "فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ" ([11])

المشي إليها تكتب به الحسنات وترفع الدرجات وتحط الخطايا: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ اللَّهِ -r-"مَنْ تَطَهَّرَ فِى بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِىَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً" ([12])

        == في الصيام

صيامه يكفر الذنوب: عن أبي هريرة t أن رسول الله r كان يقول "الصلواتُ الخمسُ، والجمعةُ إلى الجمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ، مكفِّراتُ ما بينهنَّ إذا اجتَنَبَ الكبائر" ([13])

قال الإمام المناوي رحمه الله: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان) أي صلاة الجمعة منتهية إلى الجمعة وصوم رمضان منتهياً إلى صوم رمضان (مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) شرط وجزاء دل عليه ما قبله ومعناه أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فلا تغفر لا إن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة فإن كانت لا تغفر صغائره" ([14])

العمرة في رمضان ثوابها مضاعف: عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله r "عُمرة في رمضان تعدل حَجَّةً"([15])

قال الإمام المناوي رحمه الله: قوله r: (عمرة في رمضان تعدل حجة) في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع على أن الاعتمار لا يجزى عن حج الفرض

  نزول القرآن الكريم فيه: قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة

 قال الإمام ابن كثير : يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم، وكما اختصه بذلك قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء ([16]).

وعن واثلة بن الأسقع أن رسول الله -r-قال "أنزلت صحف إبراهيم u فى أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من

رمضان" ([17])

فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر: قال تعالى" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) " القدر

 قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ": بين فضلها وعظمها وفضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل. وفي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر. واللّه أعلم.

قال المباركفورى رحمه الله: قوله r :(ليلة خير من ألف شهر) أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر (من حرم خيرها) والمراد حرمان الثواب الكامل أو الغفران الشامل الذي يفوز به القائم في إحياء ليلها ([18])

لا مثيل له في الفضل والأجر: عن أبي أمامة t قال قلت يا رسول الله "مرني بعمل قال عليك بالصوم فإنه لا عدل له قلت يا رسول الله مرني بعمل قال عليك بالصوم فإنه لا عدل له قلت يا رسول الله مرني بعمل قال عليك بالصوم فإنه لا مثل له "([19])

مضاعفة الثواب: عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم " ([20])

        == في الصدقات

مضاعفة الأجر والثواب: قال تعالى":" مَثَلُ الَّذِين ينفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ  مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " "البقرة 261

وقال تعالى "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمً"

وقال تعالى: " آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ " سورة الحديد / 7.

وقال تعالي: " إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) الحديد

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (t) أنَّ النَّبِيَّ (r) قَالَ: " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ " ([21])

وعن أبي هريـرة رضي عنه قال: قال رسول الله r «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ــ ولا يقبل الله إلا الطيب ــ فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه أي مهره حتى تكون مثل الجبل» ([22])

الدعاء للمنفق بالخلف الصالح: عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً" ([23])

 له مثل اجر الصائم: عنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ (t) عن النبي (r) قَالَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرُهُ، من غير أن يُنقَصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» ([24])

رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (t) قَالَ: "كَانَ النبي r أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ فيدارسه القرآن، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ (r) حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ "([25]).

زيادة الرزق والعمر:عن أبي هريرة (t) أن رسولَ الله (r) قال: " من أحَبَّ أن يُبسَطَ له في رزقِه، ويُنسأ له في أثرِه؛ فلْيَصِلْ رَحِمَه) ([26]).

تغفر الخطايا والذنوب: عن معَاذ قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي r  فِي سفر فَأَصْبَحت يَوْمًا قَرِيبا مِنْهُ إِلَى أَن قَالَ: " أَلا أدلك عَلَى أَبْوَاب الْخَيْر؟ الصَّوْم جنَّة وَالصَّدَقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار، وَصَلَاة الرجل فِي جَوف اللَّيْل ثمَّ قَرَأَ تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع " ([27])

تيسير الله عليه في الآخرة: عن أبي هريرة t قال قال رسول الله r: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ...." ([28])

سبب لخول الجنة: عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: " من أصبح منكم اليوم صائما؟ " قال أبو بكر: أنا قال: " فن تبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: " فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ " قال أبو بكر: أنا. قال: " فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ ". قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله r: " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة " ([29])

بها يلقى الله تعالى: عن أنس قال: قال رسول الله r: " يتبع الميت ثلاثة: فيرجع اثنان ويبقى معه واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله " ([30])

        == في الحج

هو من أفضل الأعمال والقربات عند الله: عن أبي هريرة t قال: سُئل رسول الله r : أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قيل: "ثم ماذا؟" قال: "حج مبرور"([31])

الحج يعدل الجهاد في سبيل الله وينوب عنه لمن لا يقدر عليه ومن لا يُكلف به: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: "لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور" ، وفي رواية: قلت: يا رسول الله، ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال: "لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حجٌ مبرور". فقالت عائشة: فلا أدعُ الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول اللَّه r ([32]).

الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة:  عن أبي هريرة t عن النبي r قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" ([33])

الحج المبرور سبب لغفران الذنوب:  عن أبي هريرة t قال: سمعت رسول اللَّه r يقول: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجح كيوم ولدته أمه"([34]).

وعَن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا جعل اللهُ الإسلامَ في قلبي أتيْتُ النَّبيَّ r فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ابسُطْ يمينَك لأبايعَك؛ فبسط يدَه فقبضْتُ يدي. فقال: مالك يا عَمرو؟ ! . قال: أردتُ أن أشترطَ . قال : تشترطُ ماذا ؟ قال: أن يُغفَرَ لي . قال : أما علمتَ يا عَمرو ! أنَّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قبلَه ، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبلَها ، وأنَّ الحجّ يهدِمُ ما كان قبلَه ؟ ! ([35])

الإكثار من الحج والعمرة ينفيان الفقر : عن ابن مسعود قال : قال رسول الله r : " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة "([36])

الحاج وافد على الله، ومن وفد على الله أكرمه الله: عن ابن عمر t عن النبي r قال "الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم"([37])

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

إعداد: الشيخ أحمد أبو عيد

نسألكم الدعاء

01098095854

       

       

 



[1])صحيح ابن حبان (صحيح)

[2])مختصر تفسير ابن كثير

[3])متفق عليه

[4])سنن الترمذي (صحيح)

[5])زاد المعاد(2/29).

[6])مختصر تفسير ابن كثير

([7]) صحيح مسلم

([8]) متفق عليه

([9]) صحيح مسلم

([10]) مشكاة المصابيح

([11]) صحيح مسلم

([12]) صحيح مسلم 

([13]) صحيح مسلم

([14])التيسير بشرح الجامع الصغير

([15]) صحيح مسلم

([16]) تفسير ابن كثير

([17]) صحيح ابن ماجة

([18]) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

([19]) صحيح الترغيب والترهيب

([20]) متفق عليه

([21]) متفق عليه

([22]) متفق عليه

([23]) متفق عليه

([24]) صحيح الترغيب والترهيب 

([25]) متفق عليه

([26]) متفق عليه

([27]) صحيح الترغيب والترهيب

([28]) صحيح مسلم

([29]) صحيح مسلم

([30]) متفق عليه

([31]) متفق عليه

([32]) صحيح البخاري

([33]) متفق عليه

([34]) صحيح البخاري

([35]) صحيح مسلم

([36]) صحيح الترغيب والترهيب

([37]) صحيح ابن ماجة

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات