الاتحاد قوة والفرقة ضعف للشيخ أحمد أبو عيد
الحمد لله الواحد القهار، الملك فوق كل الملوك
القوى الجبار، المستوى على عرشه دون حلول أو مماسة أو استقرار، العظمة رداؤه والكبرياء
له إزار، ليس كمثله شيء فلا تصل إلى كنه ذاته العقول والأفكار، اللطيف الخبير فلا تدركه
الأبصار وهو يدرك الأبصار.
وأشهد أن لا إله إلا الله السميع البصير فلا تحجب
رؤيته الظلمات والأستار، ويستوي في كمال سمعه الجهر بالقول والإسرار، القادر على كل
شيء وكل شيء عنده بمقدار، المحيط بكل شئ فلا هروب ولا فرار، التائب على كل نادم قد
أثقلته الأوزار، والباسط كف رحمته للمستغفرين بالأسحار، والمبشر للطائعين بعقبى الدار.
وأشهد
أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المختار، إمام المتقين والأبرار، لمسلم من العيوب والمطهر من الأوضار، المنصور بالرعب
على مسيرة شهر في كل الأمصار، إذا جاهد فالسيف فى يده بتار، وإذا سالم استوى في أمانه
المسلمون والكفار، إذا سئل شيئا أعطاه بغير انتظار، إذا سكت علاه البهاء والوقار، وإذا
تكلم خرج من فمه نور كنور الفجر وقت الإسفار، وإذا تبسم أشرق وجهه كشروق الشمس في وضح
النهار.
العناصر
أولًا: أهمية الاتحاد وضرورته
ثانيًا: من فوائد اجتماع المسلمين وتوحيد
صفهم وكلمتهم
ثالثًا: كيفية تحقيق الاتحاد والنصر
رابعًا: نبذ الفرقة والاختلاف
الموضوع
أولًا: أهمية الاتحاد
وضرورته
دعاهم إلى الوحدة الإنسانية: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا
كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].
دعاهم جميعًا للدخول في الإسلام: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ
إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض ﴾ [الأعراف:
158].
الوحدة الإسلامية
لا تقوم على الجنس أو العنصر أو القبيلة؛ كما قال الحبيب محمد -
صلى الله عليه وسلم -: ((الناس كلهم بنو آدم وآدم من تراب)) ([1])، ولا نجد نداءً
في القرآن خاصًا بالعرب، إنما النداء؛ إما بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ [البقرة:
21]، فيعم الإنسانية كلها، أو بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة:
104]، فيعم المؤمنين ويخصهم.
قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم
مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ
مَنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 52] .
ويذكر لنا ابن كثير – رحمه الله – سبب نزول هذه الآية ، فقال : جاء
الأقرع بن حابس التميمي ، وعيينة بن حصن الفزاري ، فوجدوا رسول الله – صلى الله عليه
وسلم – مع صهيب وبلال وعمار وخباب قاعدا في ناس من الضعفاء من المؤمنين ، فلما رأوهم
حول النبي – صلى الله عليه وسلم – حقروهم ، فأتوه فخلَوْا به ، وقالوا : إنا نريد أن
تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا ، فإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن ترانا
العرب مع هذه الأعبد ، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا ، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت
. قال : « نعم » . قالوا : فاكتب لنا عليك كتابا . قال : فدعا بالصحيفة ، ودعا عليًّا
ليكتب ، ونحن قعود في ناحية ، فنزل جبريل فقال : ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم
مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ
مَنَ الظَّالِمِينَ ﴾ فرمى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالصحيفة ، ثم دعانا فأتيناه
([2]) .
قال
الإمام الشافعي
الناسُ من جِهة التِّمثالِ
أكْفاءُ ** أَبوهمُ آدمُ والأُمُّ حوَّاءُ
فإنْ يَكُنْ لَهُمُ في
أصْلِهم شَرَفٌ ** يُفاخِرون به فالطِّين والمَاءُ
ما الفخْرُ إلا لأهْل العِلْم
إِنَّهُمُ ** على الهُدى لمَن استهْدَى
أَدِلاَّءُ
ففُزْ بعلمٍ تَعِشْ حيًّا
به أبَدًا ** فالناسُ موْتَى وأهْل العلْمِ أحْيَاءُ
أوجب الله عليهم
طاعته وألزَمهم مراقبته، وطلَب منهم عبادته؛ قال
تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ
مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ
ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58].
من صفات
المؤمنين: عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ
وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ
الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » ([3]) ، وعن أَبي موسى
- رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( المُؤْمِنُ
للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً )) وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ
([4])
يؤدي إلى رضا
الله تعالى: عن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ،
وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ
السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) ([5])
تآلف القلوب: قال تعالى: (وَأَلَّفَ
بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ
قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)
} الأنفال
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال (إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما
كما يتناثر ورق الشجر) ([6])
والاتحاد قوة،
والقوة تؤدي إلى النصر، والتاريخ خير شاهد على ذلك، اتحدَّ المسلمون
في غزوة بدر، فانتصروا بإذن الله.
وشرح هذا المعنى أحد الحكماء لأولاده؛ ليُلقنهم
درسًا في الاتحاد، فقدم إليهم حُزمة من العصي قد اجتمعت عيدانها، فعجزوا عن كسْرها،
فلما فُكَّ الرباط، وتفرَّقت الأعواد، تكسَّرت واحدًا واحدًا،
كُونُوا جميعًا يا بَنيّ إذا اعتَرى ** خَطْبٌ ولا تتفرَّقوا آحادَا
تأبَى العِصِيُّ إذا اجْتمعْنَ تكسُّرًا ** وإذا افْتَرَقْنَ تكسَّرت أفْرادَا
لا تجتمع
الأمة على ضلالة: عن ابن عمر t
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة و يد
الله على الجماعة) ([7])
الاتحاد في العبادات: قال تعالى:
﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ
وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ
وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى
الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ
وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون
﴾ [البقرة: 177] ، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، يجتمعون على عبادة
إله واحد بيده الأمر وهو على كل شيء قدير: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ
الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103].
الصلاة :
تُنظم صفوفهم، وتوحِّد كلمتهم، وتَجمع شمْلهم، وقد صور ذلك عالم أوروبي فقال:
"إذا نظَرت إلى العالم الإسلامي في ساعة الصلاة بعين طائرٍ في الفضاء، وقُدِّر
لك أن تستوعب جميع أنحائه، بغض النظر عن خطوط الطول والعرض - لرأيت دوائر عديدة من
المتعبدين تدور حول مركز واحد هو الكعبة، وتنتشر في ساحة تزداد قدرًا وحجمًا.
الصيام يذكر الغني بجوع
الفقير، فيعتني به، ويحسن إليه، فتذوب الفوارق، وتتطهر القلوب ؛ كما إن اجتماع الناس
في تراويح رمضان والعيد بعده فيه اجتماع وفرحة وبهجة وسرور.
الزكاة حينما نعطي الفقير
زكاته، نملأ صدره بالرضى، ونزيل من قلبه الانكسار، ونمنعه من الحقد والضغينة، ونحفظ
بذلك وحدة الكلمة، وجمع الشمل.
الحج والعمرة
ما اجتمع الناس بالملايين إلا بسبب هذه الألفة التي يزرعها الإسلام في النفوس،
حتى يجتمع في السكن الواحد عشرات من الناس، اختلفت جنسياتهم، وتوحدت معتقداتهم.
الجهاد:
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا
كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)) الصف
ثانيًا:
من فوائد اجتماع المسلمين وتوحيد صفهم وكلمتهم
أن الاجتماع يساعد
المجتمع على مواجهة التحديات ، فنحن إذا اجتمعنا نستطيع
أن نصمد أمام التحديات العصرية ، ولن تستطيع الأمة أن تواجه هذه التحديات إلا بالاجتماع
.
ولذلك يسعون بكل جهودهم وطاقاتهم إلى تمزيق وحدتهم
وجعلهم متفرقين دولاً وأحزاباً وجماعاتٍ متشاحنةً متحاربةً يقتل بعضهم بعضاً ؛ وقد صرحوا بهذا الحقد والحسد على وحدة المسلمين
واجتماعهم في كتبهم واجتماعاتهم ومؤتمراتهم، ففي بروتوكولات (حكماء صهيون) قالوا:
" إننا لن نستطيع التغلب على المسلمين ما داموا متحدين دولاً وشعوباً تحت حكم
خليفة واحد ، فلا بد من إسقاط الخلافة وتقسيم الدولة الإسلامية إلى دويلات ضعيفة لا تستطيع الوقوف
في وجهنا فيسهل علينا استعمارها " .
أنه يساعد على إظهار عظمة الإسلام ، من القوة والاتحاد .
تحقيق الألفة والعدالة
والمحبة والتآخي ، فالاجتماع سيحقق كل هذه
المعاني عندما نصلي في مسجد واحد ، ونقف في صف واحد ، نركع جميعا ، نسجد جميعا ، نحج
جميعا ، كل هذا فيه معنى الترابط والتلاحم والألفة ، وعدم التفريق بين المسلمين .
القضاء على العصبية
القبلية ، فإننا إذا اجتمعنا في المسجد صلى فيه الجميع
الكبير والصغير والشريف والوضيع والغني والفقير ، كلهم يخضعون ، يسجدون لله – سبحانه
وتعالى – فالعلاقة بيننا هي علاقة الدين ، كما قال سلمان الفارسي – رضي الله عنه –
:
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه إذا افتخروا بقَيْس
أو تَمِيم
القضاء على ما
يحاول أن يفعله المحاربون من المشركين من تفريق كلمة
المسلمين ، وجعلهم فرقا وأحزابا ، فنحن إخوة ، وإن كان هذا من مصر ، وهذا من الشام
، أو العراق ، أو الباكستان ، أو اليمن ، أو السودان ، أو من أي مكان طالما أنه مسلم
، فالذي يجمعنا هو الإسلام ، لا الأماكن ، ولا القبائل ، ولا العصبيات ، ولا غير ذلك
.
أنه يخيف الأعداء
ويلقي الرعب في قلوبهم ، فاليهود لو تحقق لديهم
أننا مجتمعون لما تجاوزوا شبرا واحدا من أرض المسلمين ، لكن لما نظروا في أحوال المسلمين
فرأوا هذا التفرق فعلوا ما فعلوا ، إذن فالاجتماع يخيف الأعداء ، ويلقي الرعب في قلوبهم
، وهذا يذكرنا بقصة الأوس والخزرج لما كانوا متفرقين متناحرين كانوا في ضعف ، فلما
جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة النبوية وجمعهم أصبحوا قوة ضاربة في
الجزيرة العربية ، ومن هنا شع نور الهدى ، وانتشر الإسلام ، وهاب الناس هذه الأمة المتآلفة
المتحدة .
تنشيط الإنسان
، وإحياء روح المنافسة ، وإبعاده عن الرذائل والمحرمات
، فالشخص يكسل عن العمل إذا كان وحده ، أما إذا كان مع الجماعة نشط ، كما أنه قد يقع
في بعض المحرمات في حال كونه منعزلا عن الجماعة ، أما إذا كان وسط إخوانه ، فإن هذا
مدعاة لإبعاده عن ذلك ، فالاجتماع دواء ناجح لكثير من الأمراض النفسية المنتشرة اليوم
، مثل الاكتئاب والقلق ، وغير ذلك ، كل هذا سببه العزلة ، والبعد عن الصلوات في المساجد
، والبعد عن حضور الخير والندوات ، وما شابه ذلك .
تحقيق البركة ، فالاجتماع فيه
بركة في أمور الخير كلها ، حتى في الطعام عن وَحْشِيِّ بن حرب - رضي الله عنه - : أنَّ
أصحابَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، إنَّا نَأكُلُ
وَلاَ نَشْبَعُ ؟ قَالَ : (( فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ )) قالوا : نَعَمْ . قَالَ:
(( فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ
)) ([8]) .
طرد الشيطان وإغاظته ، لأنه يَهُمّ
بالواحد ، وهو عن الاثنين أبعد ، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - ، قال : سمعت رَسُول
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيةٍ ، وَلاَ بَدْوٍ
، لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إلاَّ قَد اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِم الشَّيْطَانُ . فَعَلَيْكُمْ
بِالجَمَاعَةِ ، فَإنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَة )) ([9]) . يعني أن الذئب
إذا انفردت الماعز ، أو الضأن أكلها ، فإذا كانت في جماعة ضعف عن ذلك ، فكذلك الإنسان
إذا اجتمع مع إخوانه ، فإن هذا يضعف الشيطان .
الاجتماع سبب رئيس
في علاج كثير من القضايا النفسية: والاجتماع سبب رئيس في علاج
كثير من القضايا النفسية ، ولذلك تجد من المتخصصين في هذا المجال يقولون : يجب عليك
أن تدخل في المجتمع ، وأن تنصهر فيه ، فهذا من الأدوية الناجعة للقضاء على حالات الملل
والاكتئاب التي تصيب كثيرا من البشر في هذه الأزمان .
النصر على
الأعداء: قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ
(4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
(5) ﴾ الروم ، وقال تعالى: ﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ
الْمُؤْمِنِينَ ﴾ الروم ، فبين الله تعالى أن النصر للمؤمنين ولم يقل
لمؤمن واحد.
ثالثًا:
كيفية تحقيق الاتحاد والنصر
الأمر
بالإصلاح بين المؤمنين وإزالة ما بينهم من فرقة واختلاف: قال تعالى: ﴿
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ
بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ
إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9].
الشورى: ما كان r يُقدِم على أمر إلا بعد المشورة؛ استجابة لقول الله: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي
الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى:
38].
أمر الله
تعالى بالتعاون: قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا
عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ ( سورة المائدة الآية : 2 ) ، والبر صلاح
الدنيا ، والتقوى صلاح الآخرة .
الأمر بالاعتصام بالله: قال تعالى:[وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً
وَلا تَفَرَّقُوا](آل عمران: 103)
ففي جهاده معتصم بالله لا يخشى من أحد مهما زادت قوته فالله تعالى
أعظم قوة .
وهذا هو ما وصفهم به المقوقس ملك مصر في خطاب له وجهه إلى هرقل الروم فقال
( والله أنهم
على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا أن الرجل الواحد يعادل
مائة رجل منا ، ذلك لأنهم قوم الموت احب لهم
من الحياة يقاتل الرجل منهم وهو مستبسل ويتمنى ان لا يرجع إلى أهله ولا إلى بلده ولا
إلى داره ويرون أن لهم أجراً عظيماً فيمن قتلوا منا ويقولون أن قتلوا أدخلوا الجنة
ونحن قوم نكرة الموت ونحب الحياة فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم ) هذا ما
فعله الإيمان وفعلته العقيدة بقوم آمنوا بالله ورسوله وبذلوا كل شيء لله مقابل الجنة
ورضوان الله ففازوا في العاجل والآجل ورضى الله عنهم ورضوا عنه ( أولئك حزب الله ألا
أن حزب الله هم المفلحون ) .
البعد عن
التنازع: قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ} الأنفال:46، فإذا اختلفنا فعلينا أن نرجع إلى كتاب الله
– تعالى – وإلى سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – كما قال تعالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ
فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾النساء
تحقيق التـــقوى والعبـــودية لله : قال تعالى:
(إنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة وَاحِدَة وَأَنَا رَبّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء
وقال تعالى: (وإنَّ هَذِهِ أُمَّتكُمْ أُمَّة
وَاحِدَة وَأَنَا رَبّكُمْ فاتقون) المؤمنون
نصر الله
تعالى لمن ينصره: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ
تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)) محمد
، ونصر الله يكون باتباع أمره واجتناب نهيه.
الإكثار من الدعاء: عن ابن عباس أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال
وهو في قبة يوم بدرٍ ( اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم فأخذ
أبو بكر بيده فقال حسبك يا رسول الله ألححت على ربك فخرج وهو في الدرع وهو يقول ( سيهزم
الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ) سورة القمر ([10])
الاستعانة بالله والسعي لنجدة إخواننا
المستضعفين في كل مكان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهـم ** قتلى وأسرى فما يهتز إنســــان
ماذا التقاطع في الإسلام بينـكــم
** وأنتم
يا عبــاد اللـه إخـــوان
ألا نفوس أبيّات لهـا هـمـــم ** أما
على الخير أنصار وأعــوان
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ ** أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم
** واليومَ
هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ ** عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ ** لهالكَ
الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما ** كما
تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت ** كأنما
هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً ** والعينُ
باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوب القلبُ من كمدٍ ** إن
كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
الإعداد الجيد
سبيل للنصر: قال تعالى : ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ قُوَّةٍ ﴾ ( سورة الأنفال الآية : 60 )
جاءت القوة نكرة ، والتنكير شمولي ، ففي عهد النبي عليه الصلاة والسلام القوة
رباط الخيل ، وبعد حين القوة المنجنيق ، وبعد حين المدافع ، وبعد حين المدرعات ، الآن
الطائرات ، ثم الإعلام ، كل قوة ينبغي أن نسعى إليها ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
﴾ ( سورة الأنفال الآية : 60 )
أقول لها وقد
طـــــارت شعاعــــــــــا *** من الاعداء ويحك أن تراعــــــــى
فـأنــك أن طلبــت
بقاء يــــــــــــــــوم *** على الأجل الذي لك لن تطـــــــاعى
فصبرا في مجال
الموت صبـــــــــرا *** فما نيل الخلود بمستطـــــــــــــــــاع
ومـــا ثوب البقاء
بثوب عــــــــــــــز *** فينغى عن اخي الخنع البراعــــــــى
سبيل الموت غاية
كل حـــــــــــــــي *** فداعيه لأهل الارض داعــــــــــــــــى
ومن لم يمت يعمر
فيهــــــــــــــــــرم *** وتسلمه المنون إلى خــــــــــــــــــداع
خمسة أمور لا يجتمعن في قوم الا نصرهم
الله: قال
تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا
اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ (46)) الأنفال
قال ابن القيم رحمه عند هاتين الآيتين في خاتمة كتابه الفروسية ، قال رحمه
الله: فَأمر الْمُجَاهدين فِيهَا بِخَمْسَة أَشْيَاء مَا اجْتمعت فِي فِئَة قطّ إِلَّا
نصرت وَإِن قلت وَكثر عدوها:
أَحدهَا : الثَّبَات.
الثَّانِي : كَثْرَة ذكره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
الثَّالِث : طَاعَته وَطَاعَة رَسُوله.
الرَّابِع : اتِّفَاق الْكَلِمَة وَعدم التَّنَازُع الَّذِي يُوجب الفشل
والوهن وَهُوَ جند يُقَوي بِهِ المتنازعون عدوهم عَلَيْهِم فَإِنَّهُم فِي اجْتِمَاعهم
كالحزمة من السِّهَام لَا يَسْتَطِيع أحد كسرهَا فَإِذا فرقها وَصَارَ كل مِنْهُم وَحده
كسرهَا فَإِذا فرقها وَصَارَ كل مِنْهُم وَحده كسرهَا كلهَا.
الْخَامِس : ملاك ذَلِك كُله وقوامه وأساسه وَهُوَ الصَّبْر
فَهَذِهِ خَمْسَة أَشْيَاء تبتنى عَلَيْهَا قبَّة النَّصْر وَمَتى زَالَت
أَو بَعْضهَا زَالَ من النَّصْر بِحَسب مَا نقص مِنْهَا وَإِذا اجْتمعت قوى بَعْضهَا
بَعْضًا وَصَارَ لَهَا أثر عَظِيم فِي النَّصْر وَلما اجْتمعت فِي الصَّحَابَة لم تقم
لَهُم أمة من الْأُمَم وفتحوا الدُّنْيَا ودانت لَهُم الْعباد والْبِلَاد وَلما تَفَرَّقت
فِيمَن بعدهمْ وضعفت آل الْأَمر إِلَى مَا آل ،
وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَالله الْمُسْتَعَان
وَعَلِيهِ التكلان وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل ([11]).
رابعًا:
نبذ الفرقة والاختلاف
النهي عن
الفخر بالآباء والأمهات: عن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم
من جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه إن الله قد أذهب
عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي الناس كلهم بنو آدم
وآدم من تراب " ([12])
منَع الرسول القتال
بين المسلمين تحت أي لواء: عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ أَنَّ النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم قَالَ: سِبَابُ الْمُسْلِم فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ ) ([13])
التفرق ضَعف، والضعف
يحقِّق الهزيمة فلما اختلفوا في غزوة أُحد، فكان منهم مَن طلَب
الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، ومنهم مَن طلب المال والعتاد، فخالفوا أمْر الرسول،
فانهزَموا، وقد قال أحدهم: لماذا هُزِمنا وقد وعَدنا الله النصر؟ فأنزَل الله قوله
موضِّحًا أسباب الهزيمة: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ
بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ
بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ
مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا
عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 152]
حرمة التنازع
والاختلاف: قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا
فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾
[الأنفال:
46]، ، وقال تعالى: [وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ
بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ] (آل
عمران:105)
وإن التاريخ يشهد أن من أهم أسباب سقوط الدول
على اختلاف عقائدها ومللها التفرق والاختلاف،
فقد سقطت الخلافة العباسية بعد أن تفرقت الدول
الإسلامية في ذلك الوقت.
وسقطت الدولة الإسلامية في الأندلس بعد أن أصبحت
دويلات متفرقة متناحرة. لا همّ لأحدهم سوى
الملك والسلطان ، وها هو العالم الإسلامي اليوم. .منقسم إلى دويلات متفرقة
تعيش على هامش التاريخ وتتجرع ألوان
الهوان بين الأمم . ورغم أنهم يمتلكون أكبر ثروات العالم . إلا أنهم مصنفون من الدول
الفقيرة أو النامية كما يسمونها . والسبب في
ذلك كله هو الفرقة والاختلاف
براءة النبي r منهم : قال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ
فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ] (الأنعام)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى
الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ
فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ
لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ
جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ
مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ
» ([14])،يتحاشى : لا
يفزع لذلك ولا يكترث له ولا ينفر منه.
من صفات
المشركين: قال تعالى: [وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ
فَرِحُونَ] (الروم:32)
سبب في
الهلاك: عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - ، عن النَّبيّ
- صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، إِنَّمَا أهْلَكَ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤالِهِمْ واخْتِلافُهُمْ عَلَى أنْبيَائِهِمْ ، فَإِذَا
نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْء فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ
مَا اسْتَطَعْتُمْ )) ([15])
التفرق إرضاء
للشيطان: قال نبينا r: «إن
الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» ([16])،
وعَنْ جَابِرٍ t قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ r: «إن إبليس
يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم
فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى
فرقت بينه وبين امرأته. فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت» ([17]).
سبب لدخول
النار: فعَنْ أَنَسِ بن مالك t قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ r: «إِنَّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ
أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي
النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ» ([19]).
الخروج من الإسلام: عن أبي ذر قال قال رسول الله r "من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة
الإسلام من عنقه" ([20]).
نهايته الفشل: قال تعالى "ولاَ تَنَازَعُواْ
فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" الأنفال 46.
الذنوب سبب
للفرقة: قال تعالى: ﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا
بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
﴾، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول المسلم أخو المسلم
لا يظلمه ولا يخذله ويقول والذي نفسي بيده ما تواد اثنان فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه
أحدهما) ([21])
قال عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص يوم القادسية : " يا سعد
، اعلم أن ذنوب الجيش أخوف عليه من عدوه ، وأننا ننتصر على عدونا بطاعتنا لله ومعصية
عدونا له ، فإذا استوينا في المعصية ، كانت لعدونا الغلبة ، بالعدد والعدة ".
وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوحد صف المسلمين
وكلمتهم ، ويعلي رايتهم وينصرهم على عدوهم ، وان يفك أسر الأقصى من يد اليهود المعتدين،
وينصر إخواننا المجاهدين في كل مكان إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854