فضل قيام الليل


الحمد لله الغني الحفي، القوي الولي، الوفي العلي عن مدانة الأوهام، العظيم الحليم، الحكيم العليم، الرحيم العلام، الأول بوصف القدم، الأخر فلا يجوز عليه العدم، الظاهر الذي لا يخفى معرفته إلا على من جحد أو ظلم، المنفرد بأوصاف الكمال، المتوحد بنعوت الجلال، الصمد الذي لم يزل ولا يزال، سبحانه هو الله الكبير المتعال




واشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنـوبي فلما قرنتها بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لم يغو بإبليس عابـد فكيف وقد أغوى صفيك آدما


وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
يروى عن شفيع الخلق طرا حديـثا فيـه للمضني دلـيل
هو المختار مـن كل البرايا هو الهادي البشير هو الرسول
عليه ن المهين في كل وقت صلاة دائـما فيـها القبـول
وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين

العناصر

أولًا: الترغيب في قيام الليل
ثانيًا: كيفية قيام الليل
ثالثًا: الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
رابعًا: قيام الليل في حياة السلف
خامسًا: نماذج على قيام الليل
الموضوع

تعريف قيامُ الليل
هو قضاء الليل ولو ساعة بالصّلاة أو غيرها، ولا يشترط أن يكون مستغرقاً لأكثر الليل.
ويرى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنّه يحصل بصلاة العشاء جماعةً والعزم على صلاة الصّبح جماعة فعن عثمان رضى الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ »([1]).
وقيل: معنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة، وقيل: ساعة منه، يقرأ القرآن، أو يسمع الحديث، أو يُسبّح، أو يُصلّي على النّبي - عليه الصّلاة والسّلام-.

أولًا: الترغيب في قيام الليل
1-من صفات عباد الرحمن
قال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 63، 64].
إن قيام الليل عبادة عظيمة، وسنة جليلة، وصفة كريمة، من اتصف بها كان من الفائزين السعداء، ومن تحلى بها كان من المتقين النبلاء، لأنه لا يقدر عليها إلا الموفق الكريم، الذي زكت نفسه، وصفت طويته، وطهرت سريرته، واستقامت علانيته، لذلك وصف الله بها عباده الأخيار الأتقياء، والصالحين من عبادة الأتقياء، الذين اختصهم الله لنفسه وأنعم عليهم سبحانه بعبوديته.

2-من صفات المؤمنين الصادقين
 قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار ﴾ [آل عمران: 16، 17]

3-من علامات المتَّقين
قال تعالى: (إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الذاريات
قال الإمام الحسن البصري: يعني لا ينامون من الليل إلا قليلاً، فهم يكابدون الليل في القيام والركوع والسجود، ومع ذلك يختمون هذه العبادة بالاستغفار، سبحان الله! وقدوتهم في ذلك سيِّدهم محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، حيث كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطَّر قدماه.

4-أمر الله بقيام الليل
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) ﴾ [المزمل: 1 - 4]
قال بعض العلماء (ناشئة الليل) هي: هي أول الليل، لأن النشوء هو البداية.
وقال بعض العلماء: هي القيام بعد نوم الليل يعني تنام في الليل ثم تقوم، وكلاهما متقاربان ويدخلان في الآية.
فإذاً لا يحرم الإنسان نفسه من أن يصلي ناشئة الليل ولو في أول الليل لا يلزم أن يقوم،
ما معنى {أشَدُّ وَطْئاً}؟
يعني أن القلب يتواطأ مع اللسان فيكون القلب حاضرا.
{وَأَقْوَمُ قِيلاً} يعني أن قراءة الليل تكون أسلم من الأخطاء بالنسبة إلى قراءة النهار، لم؟ لأن الجو هادئ، والصوارف ليست موجودة.
وقال تعالى: " فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)" طه

5-وعده الله بالمقام المحمود والمنزلة العالية
قال تعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]
التهجد: الصلاة في الليل وقراءة القرآن بعد النوم. وقوله تعالى: {نافلة لك} ، أي: واجب عليك دون الأمة، قاله، ابن عباس. والمقام المحمود: مقام الشفاعة يوم القيامة يحمده به الأولون والآخرون.
 فجعل الحق جل جلاله المقام المحمود مقرونًا بقيام الليل، وهذا يدل على عظيم ما في القيام، لذا قال بعض العلماء: عجبت من الليل كيف جعل الله عز وجل فيه هذه الخيرات العظيمة ومع ذلك غفل عنه كثير من الناس.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "ولم يكن يدع قيام الليل حضرًا ولا سفرًا، وكان إذا غلبه نوم أو وجع، صلّى من النهار ثنتي عشرة ركعة

7-إجابة الدعاء
عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «إِنَّ فِى اللَّيْلِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» ([2]).
عن أَبي أمامة -رضي الله عنه -قَالَ: قيل لِرسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الدُّعاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: ((جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَواتِ المَكْتُوباتِ)) ([3]).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ » ([4]).
متى يبدأ الثلث الأخير من الليل؟ تحسب من أذان المغرب إلى صلاة الفجر -مثلاً- اثنا عشر ساعة، فتقسِّم اثني عشر ساعة إلى ثلاثة أثلاث فتُعتبر آخر أربع ساعات هي الثلث الأخير من الليل، وهذا يختلف باختلاف الصيف والشتاء، فتصوَّروا -يا رعاكم الله- أنَّ الملك العظيم الكبير المتكبِّر الرحمن الرحيم الوهَّاب المنَّان ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، ماذا يقول ربُّنا سبحانه وتعالى؟ فيقول: "هل من داعٍ فأستجيب له، هل من سائلٍ فأعطيه، هل من مستغفرٍ فأغفر له" الله أكبر! يا لها من لحظات مباركة، الله عزَّ وجلَّ وهو الغنيُّ عنَّا ونحن الفقراء إليه، الله عزَّ وجلَّ ينادي عباده: "هل من مستغفرٍ فأغفر له، هل من سائلٍ فأعطيه"، وتجد هذا الإنسان العبد المذنب المقصِّر العاصي، مع ذلك تجده -والعياذ بالله- في سابع نومة -كما يقال- والله عزَّ وجلَّ ينادي، ألا يستحي أحدنا من ربِّه جلَّ في علاه، الله يناديك الرحمن الرحيم الوهَّاب المنَّان يناديك: "هل من داعٍ فأستجيب له، هل من مستغفرٍ فأغفر له" وتجد هذا الإنسان نائمًا غافلاً ساهيًا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولهذا نجد أنَّ طاووس بن كيسان -رحمه الله تعالى، أحد التابعين أو تابعي التابعين- مرَّ على رجلٍ في وقت السَّحَر فضرب عليه الباب فقال أهله: إنه نائم، فتعجَّب طاووس قال: كيف ينام؟! هل هناك إنسان ينام في هذا الوقت؟! أي: وقت النزول الإلهي، وقت استجابة الدعاء.

8-باب من أبواب الخير
قال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة (16) ]
أي: يقومون لصلاة الليل وهم المتهجدون وعن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أدلُّكَ عَلى أبْواب الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ، وَقِيامُ العَبْدِ في جَوْفِ اللَّيْلِ" وتلا هذه الآية(تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفا وَطَمَعا ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) "([5]).

9-دليل على شكر نعم الله
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا » ([6])
هذا السؤال من عائشة عن حكمة التشمر والدأب في الطاعة، وهو مغفور له، فبين - صلى الله عليه وسلم - أنه
فعل ذلك شكرا لله عز وجل.

10-مغفرة الذنوب
عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيماناً وَاحْتِسَاباً((4)) غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ([7])  وقيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل وآخره، وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان، فينبغي الحرص عليها والاعتناء بها، واحتساب الأجر والثواب من الله عليها، وما هي إلا ليالٍ معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها.

11-دخول الجنة
وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - : أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( أيُّهَا النَّاسُ : أفْشُوا السَّلامَ ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ )) ([8])
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقال أبو مالك الأشعري لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نيام" ([9])
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( عَيْنَانِ لاَ تَمسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبيلِ اللهِ )) ([10])

12-أفضل الصلاة بعد الفريضة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ »([11]).
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- لثلاثة أمور: أولاً: لأنَّ فيها الإسرار فهي أقرب إلى الإخلاص، إذا أردت الإخلاص، إذا أردت أن تقوِّي إخلاصك لله عزَّ وجلَّ فعليك بقيام الليل، فقيام الليل لا أحد يعلم عنك، لا أحد يدري عنك، أقرب الناس إليك لا يدري عنك، إذن هي أقرب إلى الإخلاص. ثانيًا: قال: ولأنَّ صلاة الليل فيها مشقَّة، فيها مشقَّة على النفوس؛ لأنَّ الإنسان يقوم من فراشه الدافئ الجميل ويقوم بين يدي الله سبحانه وتعالى، فهذا فيه مشقَّة، فيه تعب، فيه معاناة، بينك وبين نفسك وبين شيطانك. ثالثًا: قال: لأنَّ صلاة الليل القراءة فيها أقرب إلى التدبُّر والتفكُّر والخشوع؛ لأنَّ الإنسان بينه وبين الله سبحانه وتعالى فهو تجده يتأمَّل ما يقرأ.

13-يكتب من الذاكرين والذاكرات
عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( رَحِمَ اللهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ ، فَصَلَّى وَأيْقَظَ امْرَأَتَهُ ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ ، رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ ، فَصَلَّتْ وَأيْقَظَتْ زَوْجَهَا ، فَإن أبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ )) ([12])
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" ([13])
وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما ، قالا : قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : (( إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أهْلَهُ مِنَ
اللَّيْلِ فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعاً ، كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ )) ([14])
فيدل على فضيلة أمر الرجل أهله بصلاة النوافل والتطوعات كما في الفرض. وفي: مشروعية الجماعة فيها.

14-قيام الليل شرف للمؤمن
عن سهل بن سعد قال : جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم  فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واحبب  من أحببت فإنك مفارقه واعمل  ما شئت فإنك مجزي به ثم قال : يا محمد شرف المؤمن قيام الليل وعزه  استغناؤه عن الناس" ([15])
لأنَّ فيه دليل على قوَّة إخلاصه، دليل على قوَّة ثقته بالله، دليلٌ على قوَّة إيمانه، فالله عزَّ وجلَّ يرفعه ويعلي من مكانته ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى، وقد سُئل الإمام الحسن البصري يومًا ما بال المتهجّدين أحسن النّاس وجوهًا، قال إنّهم خلوا بالرّحمن فألبسهم نورًا من نوره .

15-لا يستوون
قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:9].
أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟
هل يستوي إنسانٌ قضى ليله غافلاً هائمًا نائمًا بين السهرات والقيل والقال والفضائيات والأفلام والمسرحيات ومضيعة الأوقات، وبين إنسان قائمٍ في ليله يدعو ربه سبحانه وتعالى ويبكي من خشية الله جلَّ وعلا ويخضع لله سبحانه وتعالى، لا يستوون عند الله، وهكذا القلب الحي، سبحان الله! القلب الحي إذا سمع آيات الله عزَّ وجلَّ تُتلى عليه فتجده -سبحان الله- يتفكَّر ويتدبَّر ويتأمَّل ويخضع ويخشع وينصت ويستمع ويطبِّق، هذا هو القلب الحي. أمَّا القلب الميت -نسأل الله السلامة والعافية- فهو يسمع آيات الله تُتلى عليه آناء الليل وأطراف النهار ولا يتأثَّر ولا يتفاعل، بل تجده -والعياذ بالله- مُعرضًا عنها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

16-يحبه الله ويضحك إليه
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم
 الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه فيقول انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه ؟  والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيقول يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر في ضراء وسراء" ([16])
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عجب ربنا تعالى من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى صلاته فيقول الله جل وعلا انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي ورجل غزا في سبيل الله وانهزم أصحابه وعلم ما عليه في الانهزام وما له في الرجوع فرجع حتى يهريق دمه فيقول الله انظروا إلى عبدي رجع رجاء فيما عندي وشفقة مما عندي حتى يهريق دمه" ([17])

17-كراهة ترك قيام الليل
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا عبد الله لا
تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) ([18])

18-كراهة النوم طوال الليل دون صلاة
عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أصْبَحَ ، قَالَ : (( ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيطَانُ في أُذُنَيْهِ - أَوْ قَالَ : في أُذُنِهِ - )) ([19])
فأن إهمال حق الله إنما ينشأ عن تمكن الشيطان من الإنسان، حتى يحول بينه وبين الأعمال الصالحة. قيل: كان رجل يكذب بهذا الحديث فنام حتى الفجر فقام والبول يسيل من أذنه.

ثانيًا: كيفية قيام الليل
1-السنة في قيام الليل
عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلاَةَ بركْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ )) ([20])  قيل: الحكمة في هذه الركعتين إذهاب ما قد يبقى في الجسد من كسل النوم.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِىَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى ». ([21])
قوله: «مثنى مثنى» ، أي: ركعتان، ركعتان، أي: يسلم من كل ركعتين، ويوتر بركعة واحدة، ويجوز الوصل كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة.

2-وقت قيام الليل
عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم "كَانَ يَنَامُ أوّلَ اللَّيلِ ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي" ([22])
وقد يصلى في أي وقت من الليل فعن أنس - رضي الله عنه - ، قَالَ : كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئاً ، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيلِ مُصَلِّياً إِلاَّ رَأيْتَهُ ، وَلاَ نَائِماً إِلاَّ رَأيْتَهُ" ([23])   قال الحافظ: لم يكن لتهجده وقت معين بل بحسب ما يتيسر له القيام.
وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ: أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا" ([24])  قال المهلب: كان داود عليه السلام يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله فيه: هل من سائل فأعطيه سؤاله، ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل. وفيه: من المصلحة، استقبال صلاة الصبح وإذكار النهار بنشاط.

3-إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً
عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً - تَعْنِي في اللَّيلِ - يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ حَتَّى يَأتِيَهُ المُنَادِي للصَلاَةِ " ([25]).  وفي هذا مشروعية تطويل صلاة الليل في قيامها وركوعها وسجودها.
وعنها ، قالت : مَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزيدُ - في رَمَضَانَ وَلاَ في غَيْرِهِ - عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ
رَكْعَةً : يُصَلِّي أرْبَعاً فَلاَ تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعاً فَلاَ تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً. فَقُلتُ: يَا رسولَ اللهِ ، أتَنَامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: (( يَا عَائِشَة، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي)) ([26])
في هذا الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - يديم التهجد في رمضان وفي غيره، ولكنه إذا أراد الزيادة أطال الصلاة. وفيه: أنه لا ينبغي النوم قبل الوتر، إلا لمن وثق بالقيام. ([27])

4-النوم قليلا عند غلبة النعاس
عن عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُب نَفْسَهُ" ([28])
ففيه: الندب إلى الرقاد إذا غلبه النعاس؛ لأن لب الصلاة الخشوع فيها، والحضور مع الله عز وجل، وإنما يكون ذلك مع النشاط وصحة اللب، وسلامته من الكسل ([29]).

5-القنوت في الوتر
عن أبي الحوراء قال قال الحسن بن علي رضي الله عنهما علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر قال ابن جواس في قنوت الوتر "اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت " ([30]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل يتهجد قال ( اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد لك ملك السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه و سلم حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت أو لا إله غيرك ) ([31])
ثم الصلاة على الرسول الكريم ويمكن أن يزيد المسلم من الدعاء المستحب إذا رغب بذلك، ويمكن جعل القنوت بعد الركوع ثم الدعاء والاستغفار

6-قضاء صلاة الليل بالنهار
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاَةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً" ([32]) فيستحب قضاء الفوائت من النوافل المؤقتة
وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ » ([33]).

ثالثًا: الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
1- ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
قال سفيان الثّوري:" عليكم بقلة الأكل، تملكوا قيام الليل "، ورأى معقل بن حبيب قوماً يأكلون كثيراً فقال:" ما
 نرى أصحابنا يريدون أن يصلوا الليلة ".
2- ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه فيؤثر عليه ولا يستطع القيام.
3- الاستعانة بالقيلولة فإنها تعين على القيام
 فعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قيلوا فإن الشياطين لا تقيل" ([34])
أي: أنَّ الإنسان ينام في وسط النهار، ولهذا جاء في بعض الآثار: استعينوا بالقيلولة على قيام الليل، فلا بدَّ أنَّ الإنسان ينام في وسط النهار؛ لأنَّ الإنسان لو قام من الصباح -من الفجر مثلاً- إلى بعد صلاة العشاء، ما نام إلا بعد صلاة العشاء بساعتين أو ثلاث، كيف يستطيع أن يقوم الليل وهو في طيلة النهار يعمل ويكدح؟! لا شكَّ أنَّه لا يستطيع أن يقوم الليل إلا إذا شاء الله.

4- ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل
قال رجل لإبراهيم بن أدهم:" إنّي لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواءً؟ فقال: لا تعصه بالنّهار، وهو يقيمك بين يديه في الليل، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشّرف، والعاصي لا يستحقّ ذلك الشّرف "
وقال رجل للحسن البصري:" يا أبا سعيد: إني أبيت معافى، وأحبّ طهوري، فما بالي لا أقوم؟ فقال الحسن: ذنوبك قيّدتك "، وقال رحمه الله:" إنّ العبد ليذنب الذّنب فيحرم به قيام الليل، وصيام النّهار ".

5-النوم على الجانب الأيمن
عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال ( إذا جاء أحدكم فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات وليقل باسمك رب وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) ([35]) ( بصنفة ثوبه ) جانبه أو طرفه والصنفة أعلى حاشية الثوب الذي عليه الهدب

6-ذكر الله
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ؛ يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ، عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِن اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ الله انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ" ([36])
«قافية الرأس» : آخره. فإذا استيقظ العبد فذكر الله وتوضأ وصلى خرج من وثاق الشيطان.

7-كثرة الدعاء
لأنَّ قيام الليل توفيقٌ من الله، هبةٌ ربَّانيَّةٌ، عطيَّةٌ رحمانيَّةٌ، فالله عزَّ وجلَّ لا يهب هذه العبادة -التي قلَّ من يطبِّقها- إلا بعد توفيق الله عزَّ وجلَّ، فتدعو الله سبحانه وتعالى وتتضرَّع إلى الله أنَّ الله يوفِّقك ويعينك، قبل أن تنام تدعو الله وتتضرَّع: يا ربّ، يا الله، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ربّ العرش العظيم، اللهم أعنِّي في هذه الليلة، اللهم أكرمني ووفِّقني وأعنِّي في هذه الليلة على الوقوف بين يديك.
فعن معاذ - رضي الله عنه - : أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيدهِ ، وَقالَ : (( يَا مُعَاذُ ، وَاللهِ ، إنِّي لأُحِبُّكَ ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ )) ([37])
وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ لاَ أَقُولُ لَكُمْ إِلاَّ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ كَانَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا » ([38])
8- سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
9- خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
10- أن يعرف فضل قيام الليل.
11- الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.

رابعًا: قيام الليل في حياة السلف
1-كان ابن مسعود إذا هدأت العيون قام، فيُسمع له دويٌّ كدويِّ النحل حتى يصبح.
2-عن أبي غالب قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- ينزل علينا بمكة، وكان يتهجّد من الليل، فقال لي ذات ليلة قبل الصبح: يا أبا غالب، ألا تقوم تصلّي، ولو تقرأ بثلث القرآن. فقلت: يا أبا عبد الرحمن، قد دنا الصبح، فكيف أقرأ بثلث القرآن؟! فقال: إنّ سورة الإخلاص (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن. وقال أبو الدرداء: صلّوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور.
3-سألت ابنة الربيع أباها: يا أبتاه، الناس ينامون ولا أراك تنام؟ قال يا بنية: إن أباك يخاف السيّئات. وكان زيد بن الحارث يجزِّئ الليل إلى ثلاثة أجزاء: جزءٌ عليه، وجزءٌ على ابنه، وجزءٌ على ابنه الآخر.
4-قال الحسن البصري: ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل ).
5-قال أبو عثمان النهدي: ( تضيّفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا ).
6-كان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.
7-كان طاووس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين
8-كان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون !! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السري !!
9-كان شريح بن هانئ رحمه الله يقول :ما فقد رجل شيئاً أهون عليه من نعسة تركها!!! ( أي لأجل قيام الليل ) 10-قال ابن الجوزي رحمه : لما امتلأت أسماع المتهجدين بمعاتبة [ كذب من أدعى محبة الله فإذا جنه الليل نام عنه ] حلفت أجفانهم على جفاء النوم .
11-كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل ، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك!! ثم يقوم إلى صلاته .
12-قال أبو سليمان الدارني رحمه الله : ربما أقوم خمس ليال متوالية بآية واحدة ، أرددها وأطالب نفسي بالعمل بما فيها !! ولولا أن الله تعالى يمن على بالغفلة لما تعديت تلك الآية طول عمري ، لأن لي في كل تدبر علماً جديدا ، والقرآن لا تنقضي عجائبه !!
13-قال عطاء الخرساني رحمه الله : إن الرجل إذا قام من الليل متهجداً أًبح فرحاً يجد لذلك فرحاً في قلبه ، وإذا غلبته عينه فنام عن حزبه ( أي عن قيام الليل ) أصبح حزيناً منكسر القلب ، كأنه قد فقد شيئاً ، وقد فقد أعظم الأمور له نفعا ( أي قيام الليل ).
14-دخلت إحدى النساء على زوجة الإمام الأوزاعي رحمه الله فرأت تلك المرأة بللاً في موضع سجود الأوزاعي ، فقالت لزوجة الأوزاعي : ثكلتك أمك !! أراك غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في مسجد الشيخ ( أي مكان صلاته بالليل ) فقالت لها زوجة الأوزاعي : ويحك هذا يُصبح كل ليلة !! من أثر دموع الشيخ في سجوده .
15-كان أبو مسلم الخولاني رحمه الله يصلي من الليل فإذا أصابه فتور أو كسل قال لنفسه : أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا عليه ، والله لأزاحمنهم عليه ، حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجالا !! ثم يصلي إلى الفجر .
16-قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - : إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله فأفتتح القرآن فأُصبح وما قضيت نهمتي ( أي ما شبعت من القرآن والصلاة )

طبقات السلف في قيام الليل
قال ابن الجوزي: واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات:
• الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
• الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
• الطبقة الثالثة: كانوا يقومون ثلث الليل.
• الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
• الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
• الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
• الطبقة السابعة: قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين.

خامسًا: نماذج على قيام الليل
1-النبي r
عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسِ، أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ خَالَتَهُ، فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَواتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا؛ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ؛ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ" ([39])

2-عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ، فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى رؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا، فَأَقُصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكُنْتُ غُلاَمًا شَابًّا وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي، فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ، قَدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ قَالَ: فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ، بَعْدُ، لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً" ([40])
( مطوية ) مبنية الجوانب . ( قرنان ) جانبان . ( لم ترع ) لا خوف عليك ]

3-صلة بن أيشم العدوي
عن جعفر بن زيد رحمه الله قال : خرجنا غزاة إلى [ كأبول ] وفي الجيش [ صلة بن أيشم العدوي ] رحمه ، قال : فترك الناس بعد العتمة ( أي بعد العشاء ) ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس ، حتى إذا نام الجيش كله وثب صلة فدخل غيضة وهي الشجر الكثيف الملتف على بعضه ، فدخلت في أثره ، فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة ، وبينما هو يصلي إذا جاء أسد عظيم فدنا منه وهو يصلي !! ففزعت من زئير الأسد فصعدت إلى شجرة قريبة ، أما صلة فوالله ما التفت إلى الأسد !! ولا خاف من زئيره ولا بالى به !! ثم سجد صلة فاقترب الأسد منه فقلت : الآن يفترسه !! فأخذ الأسد يدور حوله ولم يصبه بأي سوء ، ثم لما فرغ صلة من صلاته وسلم ، التفت إلى الأسد وقال : أيها السبع اطلب رزقك في مكان آخر !! فولى الأسد وله زئير تتصدع منه الجبال !! فما زال صلة يصلي حتى إذا قرب الفجر !! جلس فحمد محامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ، ثم قال : الله إني أسألك أن تجيرني من النار ، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة !!! ثم رجع رحمه الله إلى فراشه ( أي ليوهم الجيش أنه ظل طوال الليل نائماً ) فأصبح وكأنه بات على الحشايا ( وهي الفرش الوثيرة الناعمة والمراد هنا أنه كان في غاية النشاط والحيوية ) ورجعت إلى فراشي فأصبحت وبي من الكسل والخمول شيء الله به عليم .

4-قال أبو جعفر البقال
دخلت على أحمد بن يحيى رحمه الله ، فرأيته يبكي بكاء كثيرا ما يكاد يتمالك نفسه !! فقلت له : أخبرني ما حالك؟!! فأراد أن يكتمني فلم أدعه ، فقال لي : فاتني حزبي البارحة !! ولا أحسب ذلك إلا لأمر أحدثته ، فعوقبت بمنع حزبي !!ثم أخذ يبكي !! فأشفقت عليه وأحببت أن أسهل عليه ، فقلت له : ما أعجب أمرك !! لم ترض عن الله تعالى في نومة نومك إياها ، حتى قعدت تبكي !! فقال لي : دع عنك هذا يا أبا جعفر !! فما احسب ذلك إلا من أمر أحدثته !! ثم غلب عليه البكاء !! فلما رأيته لا يقبل مني انصرفت وتركته .

5-شاب يدمن على المعاصي
كان يسكن مع أمه العجوز في بيت متواضع، حيث كان يقضي معظم وقته أما شاشة التلفاز ... كان مغرما بمشاهدة الأفلام والمسلسلات ، يسهر الليالي من أجل ذلك، لم يكن يذهب إلى المسجد ليؤدي الصلاة المفروضة مع المسلمين، طالما نصحته أمه العجوز بأداء الصلاة فكان يستهزئ بها ويسخر منها ولا يعيرها أي اهتمام ... مسكينة تلك الأم إنها لا تملك شيئا وهي المرأة الكبيرة الضعيفة إنها تتمنى لو أن الهداية تباع فتشتريها لابنها ووحيدها بكل ما تملك إنها لا تملك إلا شيئا واحداً، واحداً فقط إنه ((( الدعاء ))) ... إنها سهام الليل التي لا تخطئ.
فبينما هو يسهر طوال الليل أما تلك المناظر المزرية كانت هي تقوم في جوف الليل تدعو له بالهداية والصلاح ،
ولا عجب في ذلك فإنها عاطفة الأمومة التي لا تساويها عاطفة، وفي ليلة من الليالي حيث السكون والهدوء وبينما هي رافعة كفيها تدعو الله وقد سالت الدموع على خديها، دموع الحزن والألم إذا بصوت يقطع ذلك الصمت الرهيب، صوت غريب، خرجت الأم مسرعة باتجاه الصوت وهي تصرخ ( ولدي حبيبي )، فلما دخلت عليه فإذا بيده تلك العصـــا ، وهو يحطم ذلك الجهاز اللعين الذي طالما عكف عليه وانشغل به عن طاعة الله وطاعة أمه وترك من أجله الصلوات المكتوبة ، ثم انطلق إلى أمه يقبل رأسها ويضمها إلى صدره وفي تلك اللحظة وقفت الأم مندهشة مما رأت والدموع على خديها ولكنها في هذه المرة ليست دموع الحزن والألم وإنما دموع الفرح والسرور وهكذا استجاب الله لدعائها فكانت الهداية، وصدق الله إذ يقول ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186).

فهيا أيها المسلم اطرق باب مولاك وقف بين يديه متذللا في جوف الليل وتلذذ بمناجاة المولى الكريم سبحانه وتعالى فلن يخيب رجاءك ولن يطردك من رحمته بل سيقربك منه ويدنيك ويمن عليك بالخير الكثير والنعم الوفيرة
ونسأل الله أن يجعلنا ممن يقيمون الليل ويعبدونه آناء الليل وأطراف النهار.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين
****




([1]) صحيح مسلم
([2]) صحيح مسلم  
([3]) صحيح سنن الترمذي
([4]) متفق عليه
([5]) صحيح سنن ابن ماجة
([6]) صحيح مسلم
([7]) متفق عليه
([8]) صحيح سنن الترمذي  
([9]) صحيح الترغيب والترهيب
([10]) صحيح سنن الترمذي
([11]) صحيح مسلم
([12]) صحيح سنن أبي داوود
([13]) السلسلة الصحيحة
([14]) صحيح سنن أبي داوود
([15]) السلسلة الصحيحة
([16]) صحيح الترغيب والترهيب
([17]) صحيح الترغيب والترهيب
([18]) صحيح البخاري
([19]) متفق عليه
([20]) صحيح مسلم
([21]) متفق عليه
([22]) متفق عليه  
([23]) صحيح البخاري
([24]) صحيح البخاري
([25]) متفق عليه
([26]) متفق عليه
([27]) الكلم الطيب
([28]) متفق عليه
([29]) تطريز رياض الصالحين
([30]) صحيح سنن أبي داوود
([31]) صحيح البخاري
([32]) صحيح مسلم
([33]) صحيح مسلم
([34]) السلسلة الصحيحة
([35]) صحيح البخاري
([36]) متفق عليه
([37]) صحيح سنن أبي داوود
([38]) صحيح مسلم
([39]) متفق عليه
([40]) متفق عليه

إعداد: الشيخ احمد أبو عيد
01098095854

لتحميل الخطبة #pdf برجاء الدخول إلى الرابط التالي

ولتحميل الخطبة #word برجاء الدخول إلى الرابط التالي

أو لـــ word 2003


ولتحميل الخطبة وخطب أخرى متنوعة برجاء الدخول إلى الرابط التالي

ولقراءة الخطبة مرتبة ومنسقة وجميع الخطب السابقة واللاحقة بإذن الله برجاء الدخول إلى الرابط التالي

ولمشاهدة الخطبة وخطب أخرى على اليوتيوب برجاء الدخول إلى الرابط التالي


التعليقات
0 التعليقات